الولاء من الولاية بفتح الواو، وقد حده بعضهم بأنه «صفة توجب لموصوفها حكم العصوبة عند عدمها»، انتهى، أي أن من زال ملكه عن رقيق فهو مولاه نجز عتقه أو علقه أو دبره أو كاتبه أو أعتقه بعوض أو أعتق عليه بسراية أو قرابة أو مثلة، ومثله من أعتق عنه غيرُه، ولو بغير إذنه فمن كان كذلك فولاء المعتَق له، وهذا يسمى ولاء بالمباشرة، وهناك الولاء بالجر وهو أن ولاء من أعتقه المعتَق بالفتح، وولاء أولاده يكون أيضا لمعتقه، كل ذلك مشروط بعدم وجود العاصب من النسب، وهكذا في أمر ولاية النكاح، ويسمى المُعْتِقُ بالكسر المولى الأعلى والمُعْتَقُ بالفتح المولى الأسفل، وإنما وصفوهما بذلك لصلاحية لفظ المولى لهما ولغيرهما مما يعرف من موضعه، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، قال ابن شاس:«فمن زال ملكه بالحرية عن رقيق فهو مولاه سواء نجز أو علق أو دبر أو استولد أو كاتب أو أعتق العبد بعوض أو باعه من نفسه أو أعتق عليه إلا أن يكون السيد كافرا والعبد مسلما،،،»، انتهى المراد منه.
وإنما يكون الولاء لمن أعتق بأربعة شروط أن يكون المعْتَق ملكا للمُعْتِقِ، وأن يعتقه عن نفسه، وأن يكون المعْتِقُ حرا، وأن يستوي المعتِق والمعتَق في الدِّين.
وما ذكره المؤلف هو طرف من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن بريرة جاءتها تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا، فقالت لها عائشة:«ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت»، فذكرت ذلك بريرة لأهلها، فأبوا، وقالوا:«إن شاءت أن تحتسب عليك فتفعل، ويكون لنا ولاؤك»، فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ فقال لها رسول الله ﷺ:«ابتاعي فأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق»، رواه مالك (١٤٧٣) وأحمد والشيخان وأبو داود (٣٩٣٠)، وغيرهم.