٩٤ - «ولا بأس بالانتفاع بجلدها إذا دبغ ولا يصلى عليه ولا يباع».
جلد الميتة في مشهور المذهب ولو بعد دبغه ليس طاهرا، وإنما يجوز الانتفاع به باستعماله في اليابس والماء والجلوس عليه، لكن لا يصلى عليه، ولا يباع، ويستثنى من ذلك جلد الخنزير لقذارته وجلد الآدمي لشرفه، ولمالك قول آخر بطهارته وهو الذي عليه البغداديون من أصحابه، ويدل عليه عموم قول النبي ﷺ:«ايما إهاب دبغ فقد طهر»، رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس، وهو في صحيح مسلم عنه بلفظ:«إذا دبغ الإهاب فقد طهر»، وروى أبو داود والنسائي عن سلمة بن المحبق أن رسول الله ﷺ في غزوة تبوك أتى على بيت فإذا قربة معلقة، فسأل الماء، فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة، فقال:«دباغها طهورها»، وقد حمل بعض علماء المذهب الطهارة على اللغوية، وهو خلاف الأصل، فإن الحقيقة الشرعية مقدمة على اللغوية، أما معارضة ما تقدم بما رواه أبو داود وابن ماجة عن عبد الله بن عكيم قال:«قرئ علينا كتاب رسول الله ﷺ بأرض جهينة، وأنا غلام شاب: «أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب»، فلا تستقيم، بعد تجاوز ما قيل في الحديث من الإرسال والانقطاع والاضطراب، إذ المحكوم بطهارته هو الإهاب بعد دبغه، والذي منعه الحديث هنا هو الإهاب ذاته، ولو تجاوزنا هذا لم يصح لأهل المذهب الاحتجاج به لأنهم يرون جواز الانتفاع بالجلد بالقيود التي تقدم ذكرها، والله أعلم.