٢٢ - «والحضانة للأم بعد الطلاق إلى احتلام الذكر، ونكاح الأنثى، ودخول بها».
الحضانة مما لم يترجم له المؤلف، لكنها تابعة للنفقة كالرضاع، فساغ بذلك إدماجهما معها، وهي بفتح الحاء وكسرها كالحضارة تلتقي مع الحضن في المادة، وهو ما دون الإبط إلى الكشح، لأن الحاضن يضم المحضون إليه، ويقال حضن الطائر بيضه؛ إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحه، ولا يختلف معنى الحضانة عند الفقهاء عن هذا، فإنها الكفالة والتربية والقيام بأمور المحضون ومصالحه لعجزه عن القيام بذلك، وقد اعتنى بها الشرع عناية خاصة صيانة للصغار من الضياع، ومتى لم يكن للصغير ولي كانت حضانته من فروض الكفاية، إذ أجمع المسلمون على وجوب كفالة الأطفال الصغار، لأنهم خلق ضعيف مفتقر لكافل يربيهم، لكن ذلك لا يتعين إلا على الأب والأم في زمان رضاعه، وما قيل في أحقية الأم في الرضاع يقال هنا، والحضانة تكون على أحسن ما يرام إذا كان الوالدان مجتمعين، فإن تفرقا جاء زمان النزاع في الأحقية، فتدخل الشرع لإزالة الخلاف.
ومتى حصل الطلاق؛ كانت الأم أحق بحضانة ولدها من غيرها، لما هي عليه من مزيد الإشفاق والحنان، ما لم تتزوج، وقد ذكر الله تعالى مدة الفصال مع مدة الحمل فقال: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا (١٥)﴾ [الأحقاف: ١٥].
ولما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه مني، فقال:«أنت أحق به ما لم تنكحي»، رواه أحمد وأبو داود (٢٢٧٦)، قالوا: فإذا نكحت؛ فلا يسقط حقها حتى يدخل بها، وهو قيد مفتقر إلى دليل، ومعتمده المعنى، وهو اشتغالها عن ولدها بالزوج، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص هذا قد اعتمد عليه أئمة