٥ - «ثم تقرأ سورة من طوال المفصل، وإن كانت أطول من ذلك؛ فحسن بقدر التغليس، وتجهر بقراءتها».
قراءة شيء من القرآن بعد فاتحة الكتاب ثابتة عنه ﷺ من أفعاله وهي مستفيضة متواترة، ومن السنن القولية في ذلك قول أبي سعيد الخدري:«أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب، وما تيسر»، ومن ذلك قول أبي هريرة:«أمرني رسول الله ﷺ أن أنادي أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد»، رواهما أبو داود (٨١٨ و ٨٢٠)، وسكت عنهما، وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح ٢/ ١٩٣) عن الأول: «سنده قوي»، فمن أخذ منهما وجوب قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة؛ فقد أصاب الحق، لكن يعارض دلالة ما تقدم على الوجوب ما ثبت من إقراره ﷺ من اقتصر على الفاتحة كما جاء في قصة صلاة معاذ بقومه حيث سأل النبي ﷺ الرجل:«كيف تصنع أنت يا ابن أخي»؟، قال:«أقرا بفاتحة الكتاب وأسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، وإني لا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ»، وقد استدل به على عدم لزوم قراءة ما زاد على الفاتحة المحدث الألباني في صفة الصلاة، وأحسب أنه لا يقوى على معارضة الدليل الموجب، إلا أن يأتي إجماع على عدم ذلك.
والمذهب أن قراءة السورة بعد الفاتحة سنة مؤكدة، فمن تركها تعين عليه سجود السهو القبلي، فإن طال بطلت صلاته لكونها سنة مركبة من ثلاث: القراءة نفسها، وكونها سرا أو جهرا، والقيام لها، ولو قيل بوجوب السورة فلا يلزم من تركها بطلان الصلاة، لأن الذي يلزم منه ذلك الشرط والركن، وعلى متعمد ترك الواجب الإثم، والله أعلم.
والمقدم قراءة سورة بكمالها، وهذا هو المنقول عن النبي ﷺ المتواتر عنه تواترا معنويا، ولأن السورة هي المتحدى بها، وإنما المعروف من سنته قراءة بعض السورة في ركعتي الفجر، وكقيامه بآية من سورة المائدة ليلة كاملة، وعدم إتمام السورة لعارض كما