٢٤ - «وأما غير هذه الثلاثة مساجد؛ فلا يأتيها ماشيا ولا راكبا لصلاة نذرها، وليصل بموضعه».
المساجد كلها متساوية في الفضل عدا المساجد الثلاثة، فإن أفضلها المسجد الحرام عند جمهور العلماء، يليه مسجد رسول الله ﷺ، فالمسجد الأقصى، وعند مالك ﵀ وبعض أتباعه الأول في الرتبة؛ هو مسجد النبي ﷺ، وسيأتي الحديث عن ذلك في باب آخر، فمن نذر الذهاب إلى واحد منها؛ تعين عليه، إلا أن يكون ساكنا بقرب ما هو أفضل منه؛ فلا يتعين عليه السفر إلى غيره، بل يصلي في الأفضل، والعبرة منه أن البقاع كلها متساوية في المنزلة، فلا يصح أن يطلب شيء منها لبركة المكان، عدا المساجد الثلاثة، أما غيرها من المساجد فلا يصح السفر إليها بنية طلب فضيلة المكان، وإذا كان هذا في المساجد التي هي خير البقاع؛ فكيف بغيرها من الأماكن؟، فكيف إذا كان السفر لأجل المعصية وتقديم النذور، التي لا تكون إلا لله تعالى، أو للتطواف وتعظيم ساكني القبور؟.
ولا يصح أن يعترض على هذا بأن الحديث المتقدم ليس على عمومه، فالمراد به على ما ذهب إليه بعضهم أن الرحال لا تشد إلى مسجد عدا المساجد الثلاثة، ولا دخل له فيما خلا من البقاع، فإن الناس يسافرون لغير المساجد الثلاثة، وسفرهم جائز بإجماع المسلمين، هكذا يقولون، والجواب أن النهي المتقدم إنما هو عن السفر لأجل طلب بركة البقعة وفضيلتها، أما السفر المباح والواجب والمستحب كالسفر للتجارة، وصلة الرحم، والجهاد، وطلب العلم، والرباط، والصيد، فإن قصد المسافر هنا ليس خصوص البقعة، بل ما فيها من المعاني التي لأجلها سافر، فلا يدخل في النهي، ومن ثم فلا يصح أن يعترض على من قال بعمومه بمثل ما ذكرت، ولأنه إذا كانت المساجد وهي خير بقاع الأرض لا