للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشبها بالكفار، ويدخلون ضمن ذلك هذه الألبسة الضيقة، وهذا أمر محتاج إلى قيود غير ما ذكر، وهب أن التشبه قد زال بشيوع الأمر عند المسلمين، ألا يتعين أن يقال إنه لا يزول به كونه ممنوعا من جهة أخرى، وهي هذا الكشف الفاضح للعورة بتحديدها؟، وقد روى أبو داود (١) عن بريدة قال: «نهى رسول الله أن يصلي في لحاف لا يتوشح به، والآخر أن تصلي في سراويل وليس عليك رداء»، فاعجب مما يلبسه معظم المسلمين ويصلون فيه من الثياب الضيقة التي تصف عوراتهم، ومن كونهم لا يأخذون للصلاة أهبتها، فيأتون المساجد في ثياب النوم وثياب اللعب التي تحمل أسماء الفرق الرياضية، والشركات التجارية، والكتابات البارزة، وربما كان فيها صور للاعبي الكرة وغيرهم، وقد يستحون أن يقابلوا في هذه الثياب من يقدرونهم، فكيف يقفون فيها أمام مولاهم سبحانه!!؟، وقد قال ابن عمر لغلامه نافع لما رآه يصلي حاسرا - مكشوف الرأس -: «أرأيت لو خرجت إلى الناس كنت تخرج هكذا»؟، قال: «لا»، قال: «فالله أحق من يتجمل له» وهذا الكلام من ابن عمر يوافق قول النبي «إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله أحق من تزين له» (٢)، وهو في (حجاب المرأة ولباسها في الصلاة) لابن تيمية.

وروى ابن القاسم في العتبية قال: «كره مالك الصلاة بغير أردية في المساجد»، وقال يقول الله سبحانه: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا﴾ [الأعراف: ٣١].

وقال مالك: «أكره الصلاة في السراويل، إلا أن يلتحف عليه، فلا بأس به في غير الجماعة، إلا أن يلبس عليه قميصا، ولا أحبه إن وجد غيره»، وقال: «وأستقبح أن يظهر السراويل»، والسراويل التي تذكر عند الأولين فضفاضة واسعة، فهي ليست مثل سراويلنا فانتبه، وقد رأيت بعض الأندونسيين في الحرمين إذا لبسوا السراويل لبسوا عليها أُزُرا، فجزاهم الله خيرا.

وفي النوادر (في اشتمال الصماء في الصلاة)، قال مالك: «وله أن يصلي في نعليه


(١) رواه أبو داود (٦٣٦).
(٢) رواه البهيقي في «السنن الكبرى»، وهو بعض الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>