وإحاطة علم الله تعالى بالأشياء كلها من المعلوم من الدين بالضرورة، وقد خالفت فيه الفلاسفة فقالوا إن الله لا يعلم الجزئيات، ولكن يعلم الكليات، وقسموا الأمور أربعة أقسام، باعتبار التشكل والتغير، فأثبتوا علم الله تعالى لقسم واحد، ونفوه عن ثلاثة، زاعمين أنه إنما يعلم منها ما كان غير متشكل ولا متغير، أما ما كان فيه واحد منهما فلا يعلمه، لتوقف إدراك الجسمانيات على آلات جسمانية، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
وهذا أحَدُ أمور ثلاثة خالف فيه الفلاسفة أو بعضهم ما عليه المسلمون، والثانية إنكار حشر الأجساد، والثالثة القول بقدم العالم، وهي كفر من القائل بها.
وقد قال بعضهم في تلك الثلاثة:
بثلاثة كفر الفلاسفة العدا … إذ أنكروها وهي حقا مثبته
علم بجزئي حدوث عوالم … حشر لأجساد وكانت ميته
وهناك فرق بين القول بقدم العالم الذي هو كفر، وبين القول بأن الله تعالى لم يزل حيا قادرا فعالا لما يريد متكلما إذا شاء، وأن الفعل والكلام من صفات كماله التي لا يجوز تعطيله عنها، فهذا معتقد أهل الحق من السلف والخلف.