للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٥٧ - «ولا بأس بالسَّلَمِ في العروض والرقيق والحيوان و الطعام والإدام بصفة معلومة و أجل معلوم».

السَّلَمُ هو السَّلَفُ، يعطي المرء شيئا يعجله مقابل شيء مؤجل، ولا بد، فالمعطي هو المسلف، (المُسْلِم) بكسر اللام، والآخذ المسلف له، (المسلَم له) بفتحها، والشيء المؤجل هو المسلف فيه، (المُسْلَم فيه)، وقد جعل السلم لقبا لبيع يتأخر فيه قبض المثمون ولا بد، وهو مختلف عن السلف بمعنى القرض، لأن القرض يرد مثله، وهو إحسان وفعل خير، والسلم بيع فيه المراوضة والمساومة، وقد ذكره الله في كتابه في آية الدَّيْن، وهي أطول آية في القرآن، قال ابن عباس : «أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله أحله وأذن فيه، ثم قرأ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، علقه البخاري كما في تفسير ابن كثير، وكلمة دَيْنٍ في الآية نكرة في سياق الشرط فتعم دَيْنَ القرض ودَيْنَ البيع وإن كان سياقها يدل على أنها في السَّلَم، نظرا للاستثناء في قوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وعن ابن عباس قال: «قدم النبي المدينة وهو يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم»، رواه الشيخان وأصحاب السنن الأربعة، فأقر الشرع السلم واستثناه من بيع المرء ما ليس عنده لما فيه من المصلحة للناس، ومنع ما يقود منه إلى الضرر في المبيع وفي الأجل كما سبق في جعل الشرع التأبير حدا فاصلا في عدم تبعية الثمار للأشجار المبيعة.

وقد بين المؤلف ما يسلم فيه وهو كل ما يحوز بيعه من العروض التي تشمل كل الممتلكات ما عدا النقد، فما عطفه المؤلف على العروض من عطف الخاص على العام

<<  <  ج: ص:  >  >>