٣٢ - «ويجتنب في حجه وعمرته النساء والطيب ومخيط الثياب والصيد وقتل الدواب وإلقاء التفث».
هذا شروع من المصنف في ذكر محرمات الإحرام، ومن المحرمات ما سببه الإحرام نفسه، ومنها ما يحرم بالحرم ولو من غير المحرم، ومن جملة ما يحرم بالإحرام النساء، أي ترك الجماع وغيره من مقدماته، كان معه إنزال أو لا، قالوا ولو علمت السلامة، وذكروا أنه يختلف عن الصوم لشدة الأمر في الحج، فإن جامع ولو من غير إمناء، أو أمنى بفعله شيئا مما يستدعي ذلك قبل أن يرمي جمرة العقبة أو مضي يوم العيد، وفي العمرة قبل أن ينهي سعيه؛ فقد فسد حجه أو عمرته، وعليه القضاء من قابل مع الهدي، وإن فعل شيئا من مقدمات الجماع ولم ينزل؛ فعليه الهدي، قال الله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٧]، والرفث الكلام الذي يستقبح ذكره كالحديث عن الجماع ودواعيه، والمراد به هنا الجماع والإفحاش بحضرة النساء.
ومما يحرم على المحرم الطيب: مذكره ومؤنثه، والمذكر ما ظهر لونه وخفي ريحه كالورد والياسمين، فهذا يكره شمه ولا فدية فيه، ويجوز استصحابه والمكث في الموضع الذي هو فيه، ومؤنثه عكسه كالمسك والعنبر، يكره شمه، ويحرم التطيب به، وفيه الفدية، والمذهب أنه لا يشرع التطيب للإحرام ولا للتحلل الأصغر اعتمادا على ما في حديث يعلى بن أمية حيث أمره النبي ﷺ بإزالة ما عليه من الخلوق، والصواب إن شاء الله: استحباب التطيب للإحرام وللتحلل، فإن الخلوق وإن كان من الطيب إلا أنه طيب فيه زعفران وغيره، وقد ورد النهي عنه لغير المحرم فكيف به له؟، فلا يقاوم الحديث الدال على التطيب، فيحمل على ما عدا الخلوق، ولو استحكم التعارض بين الحديثين؛ لكان المطلوب الأخذ