بما دل عليه حديث عائشة لكونه في حجة الوداع سنة عشر، والحديث الآخر سنة ثمان.
ومن محرمات الإحرام على الرجال؛ لبس الثياب المخيطة كالقميص والسراويل والبرنس والخف والعمامة، فعن ابن عمر ﵄ أن رجلا سأل رسول الله ﷺ: عما يلبس المحرم من الثياب»؟، فقال رسول الله ﷺ:«لا تلبسوا القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحدا لا يجد نعلين؛ فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئا من الثياب مسه الزعفران أو الورس»، رواه مالك (٧١٤) والشيخان (خ/ ١٥٤٢) وأصحاب السنن عن ابن عمر، وقد أجاب ﷺ السائل عما لا يلبس لأنه أقرب إلى الحصر بخلاف ما يلبس، وقوله العمائم ذكرها لأنها هي التي كان الرأس يغطى بها، فلا مفهوم لها، فضلا عن كونها لقبا، فتغطية المحرم رأسه محرمة غطاه بعمامة أو بغيرها، وسينص عليه المؤلف، وأبى مالك في الموطإ أن يلبس السراويل من لم يجد الإزار قياسا على من لم يجد النعل فيلبس الخف بعد قطعه.
ومما يحرم على المحرم؛ صيد البر سواء كان لأجل الأكل أو لغيره، كأن يصيد قردا أو خنزيرا أو غيرهما، كما يحرم عليه أكله إن صيد له لقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ٩٥]، ويحل له صيد البحر لقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المائدة: ٩٦]، ومن خالف ذلك فعليه الجزاء وسيذكره المؤلف.
وقول المؤلف «وقتل الدواب وإلقاء التفث»؛ يريد ما كان في جسم المحرم منها كالقمل، فيحرم عليه قتلها، وكذا إلقاؤها إن كان ذلك سببا في قتلها، بخلاف ما لا يتسبب إلقاؤه في قتله كالبرغوث، كما يحرم عليه إلقاء التفث، وأصله ما تأنف منه النفس وتكرهه، والمراد قص الشارب، ونتف الإبط، وحلق العانة، وتقليم الظفر، وإزالة الدرن من الجسم، وجامعها أنها مما يترفه بإزالتها فيستبقيها الحاج طلبا للشعث طيلة إحرامه.