٩٥ - «ولا بأس بالصلاة على جلود السباع إذا ذكيت وبيعها».
السباع هنا كل ما له جراءة على الافتراس والعداء، وهذا من الأقوال الضعيفة في المذهب، وعمدتهم فيه أن السباع مكروهة كراهة تنزيه كما سيأتي، فإذا ذكيت ولو بقصد أخذ جلدها فقط طهرت بذلك فجاز بيعها والصلاة عليها، بل ويجوز عندهم أكلها ولو ذبحت لأجل جلودها على القول بعدم تبعض القصد، ومن حججهم على طهارة جلودها حتى على القول بالحرمة حديث أبي ثعلبة الخشني مرفوعا:«أكل كل ذي ناب من السباع حرام»، وهو في الموطإ وغيره، قال الباجي في المنتقى:«قال القاضي أبو إسحاق في مبسوطه أحسب أن مالكا حمل النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع على أكلها خاصة،،، فذهب إلى أن النهي مختص بالأكل، وأن التذكية طهر لغير الآكل، فقال لا بأس بجلود السباع المذكاة أن يصلى عليها»، انتهى. وحجتهم على عدم حرمة أكلها ما جاء في كتاب الله من حصر المحرمات في مكي السور ومدنيها في أربعة مواضع من سور الأنعام والنحل والبقرة والمائدة وهي من آخر السور نزولا، وقد احتج عبد الله بن عباس ﵄ على عدم تحريم الحمر الإنسية بقوله تعال: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ (١٤٥)﴾ [الأنعام: ١٤٥]، وهو في صحيح البخاري من حديث جابر بن زيد، وقد ذكر ابن العربي في كتبه الثلاثة أحكام القرآن وشرحي الموطإ القبس والمسالك أن آية سورة الأنعام متأخرة، بل صرح أنها نزلت في حجة الوداع كما ذكره القرطبي في تفسيره، وهذا يخالف ما ذكره ابن عبد البر من الإجماع على أنها مكية إلا آيات ليست المذكورة منها، وهو الظاهر.
وحمل بعضهم قول النبي ﷺ:«أكل كل ذي ناب من السباع حرام»، وهو في الموطإ وغيره عن أبي ثعلبة الخشني على أن المصدر مضاف لفاعله لا إلى مفعوله، أي أن ما أكله السبع حرام، فهو في معنى قوله تعالى: ﴿وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾، وهذا لا يمضي لعدة أوجه منها