للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطهر عنده محدود، وهو أكثر من اليوم واليومين،،،»، انتهى، والمعروف من أحوال النساء أن الدم قد ينقطع في الظاهر، ولا يكون ذلك انقطاعا للحيض، لأن الرحم ربما أرخى الدم من غير اتصال، فإذا انقطع فتطهرت المرأة وصلت فقد عملت بالمطلوب، لكن تلك الأيام معدودة في أيام الحيض، والله أعلم.

والصفرة والكدرة في مشهور المذهب حيض، سواء ظهرت في زمن الحيض أو بعده.

قال في المدونة: «وقال مالك في المرأة ترى الصفرة أو الكدرة في أيام حيضتها، أو في غير أيام حيضتها؛ فذلك حيض، وإن لم تر مع ذلك دما» انتهى.

وهذا ما ذكره خليل بقوله: «الحيض دم كصفرة أو كدرة خرج بنفسه من قُبُل من تحمل عادة، وإن دفعة»، وقد استدلوا بما رواه مالك في الموطإ عن أم علقمة مولاة لعائشة أم المؤمنين أنها قالت: «كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة من دم الحيضة، يسألنها عن الصلاة فتقول لهن: «لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء» (١)، تريد بذلك الطهر، والدرجة بكسر الدال وفتح الراء جمع درج بضم فسكون؛ وعاء صغير تضع فيه المرأة طيبها، وما خف من متاعها، والكرسف القطن، والقَصة بفتح القاف تقدمت، وهذا كما ترى يتناول الصفرة والكدرة في أيام الحيض، أعني قبل الطهر، فلعلهم قاسوا ما بعد الطهر على ما قبله، لأن الشيء لا يختلف في نفسه، وهو قياس مع الفارق، كيف وقد صح عن أم عطية أنها قالت: «كنا لا نَعُد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا» (٢)، والكدرة بضم الكاف وسكون الدال سائل بلون الماء الوسخ، والصفرة بضبط الكدرة سائل كالصديد يعلوه اصفرار، وفيه دليل على أن الكدرة والصفرة بعد الطهر ليست حيضا، وهي الرواية الأخرى عن مالك كما في النوادر عن علي بن زياد عنه قال: «وما رأت من الصفرة أيام الحيض أو أيام الاستظهار فهو كالدم»، فهذه الرواية بما فيها من مفهوم قيد


(١) رواه مالك في «الموطإ» (١٢٦).
(٢) رواه أبو داود (٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>