٣٣ - «وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب».
هذا هو الأمر الثاني الذي نحن مطالبون به في علاقتنا بالصحابة، فإنهم إذا كان لهم من الفضل ما تقدم من ثناء الله تعالى وثناء رسوله ﷺ عليهم، ووصاته بهم؛ فإن الواجب على المسلم أن لا يذكرهم إلا بخير، وأن ينظر فيما نسب إليهم من الأمور فيتأكد من ثبوتها عنهم أولا، ثم يفهمها الفهم الصحيح، ثم يحملها على ما تحتمله من الحسن متى وجد لذلك مخرجا، وينظر إلى ما بدر منهم بعد ذلك باعتباره اجتهادا في الحق، والمصيب فيه مأجور أجرين، والمخطئ مأجور أجرا واحدا، ولأن فضيلة الصحبة عظيمة فتغمر ما يكون لبعضهم من الأمور غير المرتضاة، فإننا إذا كنا مأمورين بذلك حيال المسلمين عموما وفيهم العصاة والفساق فكيف بالصحابة وقد ثبتت لهم العدالة على وجه العموم؟، وقد جاء في الحديث:«لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا»(١)، بل روي الأمر بذكر محاسن الموتى، والكف عن ذكر مساوئهم مرفوعا.
واعلم أن الطعن في الصحابة يلزم منه التشكيك في الدين لأنه إنما وصل إلينا عن طريقهم، وقد أخبر الله تعالى بحفظه، فمن لم يعدلهم أو عدل بعضهم دون سائرهم فقد ذم