يزيل ما يزيله الغسل، بل ربما حرك ما كان يابسا من التراب ونحوه، فيتقذر الخف بذلك البلل، كما سيذكره المؤلف، فالخير في الإمساك عن مثل ما قاله ﵀.
ولا مسح في المذهب على الجورب غير المجلد، وقد جاء في بعض روايات حديث المغيرة بن شعبة أن النبي ﷺ توضأ، ومسح على الجوربين والنعلين»، رواه الترمذي (٩٩)، وقال: حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد وإسحاق، قالوا: يمسح على الجوربين، وإن لم تكن نعلين، إذا كانا ثخينين»، انتهى، ورواه أبو داود (١٥٩) وقال: «كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث، لأن المعروف عن المغيرة أن النبي ﷺ مسح على الخفين، وقال: وروي هذا أيضا عن أبي موسى الأشعري أن النبي ﷺ مسح على الجوربين، وليس بالمتصل ولا بالقوي، ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب، وابن مسعود، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسهل بن سعد، وعمرو بن حريث، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن عباس»، انتهى، وعند الشافعية يمسح عليه إذا كان منعلا، وقد روى الترمذي (مع الحديث ذي الرقم د ٩٩) عن أبي مقاتل السمرقندي قال: «دخلت على أبي حنيفة في مرضه الذي مات فيه، فدعا بماء فتوضأ، وعليه جوربان فمسح عليهما، ثم قال: فعلت اليوم شيئا لم أكن أفعله؛ مسحت على الجوربين، وهما غير منعلين»، والمسألة من المشكلات، والنفس أسكن إلى المسح على الجوربين إذا كانا ثخينين، يستمسكان على الرجل، ويتأتى المشي فيهما، وليس بالبعيد أن يكون هذا الحكم قد بني على مجرد تغطية الرجل، ولو بما لا يمشى فيه خارجا، وقد علم أن المسح على الخف لا يشترط فيه عسر نزعه، كما يجوز المسح عليه للمقيم، مع الخلاف الذي بين المسلمين في الرجلين العاريتين: هل يغسلان، أو يمسحان، أو يكون المكلف مخيرا بين الأمرين، وقد تقدم ما في ذلك.