الراجح، إلا إن كان فرض كفاية، أو كان في فعله مشقة فيلزمه، ويلتحق به ما يعلقه على فعل مكروه، والثاني ما يعلقه على فعل خلاف الأولى، أو مباح، أو ترك مستحب، وفيه ثلاثة أقوال للعلماء: الوفاء، أو كفارة يمين، أو التخيير بينهما، واختلف الترجيح عند الشافعية، وكذا عند الحنابلة، وجزم الحنفية بكفارة اليمين في الجميع، والمالكية بأنه لا ينعقد أصلا»، انتهى باختصار.
وللنذر أركان ثلاثة أولها الصيغة، سواء أطلقها، كلله علي صدقة، أو علقها، كعلي صدقة إن شفى الله مريضي، وسواء كانت بذكر الله، كلله علي صوم يوم، أو من غير ذكره سبحانه، كعلي صوم يوم، والثاني: الشيء الملتزَم، ولا يكون إلا مندوبا أصالة، كنافلة الصلاة والصيام والحج والعمرة والذكر، بخلاف النكاح، والثالث: الشخص الملتزم، وهو المسلم المكلف فلا يلزم الكافر الوفاء ولو أسلم، لكن يندب له ذلك، كما يندب الوفاء للصبي حين يبلغ، ودخل في المكلف السفيه، لكن إنما يلزمه الوفاء بغير المال.
والنذر إنما تشغل به الذمة إذا نطق به المرء قاصدا إياه، فإن حديث النفس لا تبنى عليه الأحكام العملية، ولا يؤاخذ الناس به في هذه الملة الحنيفية كما قال النبي ﷺ:«إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم»، رواه أحمد والبخاري والنسائي عن أبي هريرة، وقد فسر مالك النذر في قوله تعالى: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧)﴾ [الإنسان: ٧] باليمين، وأقل ما يعطيه هذا التفسير؛ أنه مثلها، وهي لا تكون بمجرد القصد، وإن سجل خلاف مذهبي في حصول النذر بالنية، ومثله الحلف، وقد نسب ابن العربي إلى علماء المذهب لزوم النذر بالنية والقصد، فقال ﵀ في المسالك (٥/ ٣٧٥): «النذر هو التزام في الذمة بالقول لما لا يلزم من القرب بإجماع من الأمة، ويلزم بالنية عند علمائنا خاصة دون غيرهم من العلماء، والعمدة في ذلك أن الالتزام إنما هو بالعقد في القلب، والقول في النفس، فيما يختص به المرء، ولا يتعداه إلى غيره يلزمه ذلك فيه، وإنما يحتاج إلى القول أو إلى الكتاب؛ فيما يتعلق بسواه، ويدور بينه وبين غيره، وهذا أصل لا تزعزعه الاعتراضات، لأنه من أصح الدلالات … »، انتهى، قال كاتبه عفا الله عنه: لعل هذه المسألة امتداد للخلاف في الكلام النفسي، ولو كان الأمر على ما قال ما خلا امرؤ