٩٢ - «وعلى العبد في الزنا خمسون جلدة وكذلك الأَمَة وإن كانا متزوجين».
راعى الشرع ضعف المملوك وما يتعرض له من الابتذال والامتهان وعدم امتلاكه أمر نفسه بحيث لا يكون حرا في تحصين نفسه، فرحمه وراعى ضعفه فخفف الحد عنه، ولأنه مال فلا يتلف على مالكه، وتنصيف الحد على الأَمَة إذا زنت وكانت متزوجة هو نص القرآن، قال الله: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ (٢٥)﴾ [النساء: ٢٥]، وظاهر الآية عدم إقامة الحد على الأمة إلا إذا كانت متزوجة، لأن الإحصان هو الزواج، ولما كان حد الأمة واحدا أحصنت أو لم تحصن اضطرب الناس في معنى الإحصان هنا، ومما حمل عليه أنه الإسلام، والصواب إن شاء الله إبقاء معناه على أصله، وتكون الآية دالة على حد الأمة المتزوجة، وهو خمسون جلدة نصف حد الحرة البكر، ثم جاءت السُّنَّةُ بجعل حد الأَمَة مطلقا خمسين أحصنت أو لم تحصن لأن القتل لا يتنصف، وذلك أن النبي ﷺ سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال:«إذا زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير»، رواه الشيخان (خ/ ٦٨٣٧) عن أبي هريرة وزيد بن خالد ﵄، والضفير الحبل من شعر كما جاء مفسرا في بعض الروايات، وقوله ﷺ:«إذا زنت فاجلدوها»، قال الحافظ:«قيل أعاد الزنا في الجواب غير مقيد بالإحصان للتنبيه على أنه لا أثر له، وأن موجب الحد في الأَمَة مطلق الزنا»، انتهى، أما تنصيف الحد على العبد فبالقياس على الأَمَة لعدم الفارق بينهما، ولذلك كان مفضلا أن لو ذكر المؤلف حد الأَمَة لأنه هو المنصوص المقيس عليه قبل حد العبد لأنه مقيس.