٣٥ - «وكذلك ما أنفذت الجوارح مقاتله قبل قدرتك على ذكاته، وما أدركته قبل إنفاذها لمقاتله؛ لم يؤكل إلا بذكاة».
ما قتلته الجوارح المعلمة أو مات بالرمي؛ لا يحتاج إلى تذكيته، فإن أدركه حيا، فإما أن يكون قد أنفذت مقاتله التي تقدم ذكرها، أو لا، فإن كان الأول؛ فهو ميت حكما، فيأكله، إن لم يفرط في اتباعه، ولم يتسع الوقت لذبحه قبل موته حين أدركه، وقد استحبوا الإجهاز عليه حال إدراكه، وإن لا تكن مقاتله قد أنفذت؛ تتعين المسارعة إلى تذكيته، ولا يحل أكله بدونها، لأنه اختل فيه شرط، إذ أصبح مقدورا عليه فيذكى بما يذكى به الإنسي، فإن تهاون وتركه حتى مات؛ فلا يحل أكله، قال مالك:«أحسن ما سمعت في الذي يتخلص الصيد من مخالب البازي أو من الكلب ثم يتربص به فيموت أنه لا يحل أكله».
وقد اختلف فيما أكل منه الجارح هل يحل أكله، أو لا، وقد قال ابن عبد البر في الكافي (١/ ١٨٢) إن أكثر أهل المدينة على أكل ما أكل منه الكلب المعلم، ولو لم تبق منه إلا بضعة واحدة»، ووجهه أن الشارع جعل قتل الجارح للصيد ذكاة له فيحل، وقد ورد ما يؤخذ منه جواز الأكل من غير فرق، وهو ما رواه أبو داود (٢٨٥٧) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أعرابيا يقال له أبو ثعلبة قال: يا رسول الله، إن لي كلابا مكلبة فأفتِنِتي في صيدها، فقال رسول الله ﷺ:«إن كان لك كلاب مكلبة؛ فكل مما أمسكن عليك»، قال:«ذكيا وغير ذكي»؟، قال:«نعم»، قال:«فإن أكل منه»؟، قال:«وإن أكل منه» الحديث، وقد حسّنه الألباني دون جملة «أكل منه» فهي منكرة.
قال الحافظ في الفتح (٩/ ٧٤٥): «لا بأس بسنده»، وقد نسب الشوكاني في النيل (٩/ ٩) تحسين حديث أبي ثعلبة عند أبي داود برقم (٢٨٥٢) للحافظ، وهو إنما حسن حديث عمرو بن شعيب المذكور، لكن متن الثاني نحو الأول، ووجه القول الثاني أن