للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٧٥ - «ويقتل من ارتد إلا أن يتوب، ويؤخر للتوبة ثلاثا وكذلك المرأة».

قتل المرتد متفق عليه بين المسلمين في الجملة، والخلاف إنما هو في قتل المرأة، ولا بد في المذهب من استتابته ثلاثة أيام يعرض عليه الرجوع عما ارتد به عن دينه، من غير تعذيب ولا تجويع ولا تخويف، وقد استدل مالك على استتابة المرتد بأثر محمد بن عبد الله بن عبدٍ القاري أنه قال قدم على عمر بن الخطاب رجل من قِبَلِ أبي موسى الأشعري فسأله عن الناس فأخبره ثم قال له عمر: «هل كان فيكم من مغربة خبر»؟، فقال: «نعم، رجل كفر بعد إسلامه»، قال: «فما فعلتم به»؟، قال: «قربناه فضربنا عنقه»، قال عمر: «أفلا حبستموه ثلاثا، وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله»؟، ثم قال عمر: «اللهم إني لم أحضر ولم آمر ولم أَرْضَ»، وهو في الموطإ (١٤١٢)، وقد قبل النبي توبة عبد الله ابن سعد بن أبي سرح بعد أن أمر بقتله يوم الفتح، فاستجار له عثمان بن عفان فأجاره رسول الله .

والظاهر أنه لا يكفي في توبة المرتد أن ينطق بالشهادتين، بل برجوعه عما ارتد به كإنكار واجب أو استحلال محرم، أو تحريم مباح مما هو معلوم من الدين بالضرورة، وقد روى أحمد والبخاري وأصحاب السنن الأربعة عن ابن عباس أن النبي قال: «من بدل دينه فاقتلوه»، والظاهر من قوله من بدل دينه عموم تبديل الدين كأن يخرج من النصرانية إلى اليهودية، أو العكس، لا خصوص تبديل دين الإسلام، ووجهه ما فيه من التلاعب وعدم ضبط أحوال الناس، ولكنه عند غالب العلماء مراد به تبديل دين الإسلام وهو قول مالك في الموطإ، ووجهه أن الكفر ملة واحدة، والرواية الأخرى عن مالك على وفق عموم الحديث، لكنه مخصوص إجماعا بما عدا من أسلم، وبما عدا المكره بنص كتاب الله، ومن ذلك قول النبي : «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق لجماعة»، رواه

<<  <  ج: ص:  >  >>