للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخان، والتارك لدينه فيما يظهر مختص بالمسلم يرتد، لأن الجماعة المعتبرة شرعا إنما هي جماعة المسلمين، فاعجب لمن يزعمون أنهم يدافعون عن الإسلام ويزعمون أنهم يجتهدون في تحسينه للناس مع أنهم لا يفتأون ينكرون بعض أحكامه لظنهم أن ذلك يزينه في أنظار الكفار وبجعله متفقا مع ما يزعم من حقوق الإنسان، ومنها حرية المعتقد، ويقولون لهم إن الإسلام كفل حرية الدين للناس فلا دليل على قتل المرتد في شرعته، لقد قال هذا رجل يدعى (طه جابر العلواني)، وهو وأمثاله يموهون بظواهر من الأدلة لا يستقيم لهم الاحتجاج بها وهم بهذا وغيره قد خرجوا عن إجماع المسلمين منها قول الله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: ٢٥٦]، وهذا في الإكراه على الدخول في الإسلام كما جاء ذلك في سبب النزول، ولأن أصل الدين عمل قلبي مؤسس على الاقتناع فلا يتأتى الإكراه عليه، قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩)[يونس: ٩٩] أما الردة فأمر آخر يتعلق بحماية الدين من العبث والتلاعب، وسواء أقلنا بالاستتابة أم بعدمها فإن هذا الحكم لا إكراه فيه بل هو عقوبة كسائر العقوبات، وإلا فما ذا سيقول هؤلاء في بقية الحدود أيعطلونها بزعمهم هذا أيضا، فالظاهر أن المراد من تشغيبهم هذا ليس إلا الإجهاز على البقية الباقية في نفوس المسلمين من اعتقاد مشروعية هذه الحدود ووجوبها، وإلا فإنها معطلة، نسي القوم قول الله تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ (١٢٠)[البقرة: ١٢٠]، وتغيير أمر تعطيلها بالقلب، بل عَمُوا عما يفعله الكفار أنفسهم من قتل من يخون وطنه، فهل هان عليهم دينهم فأصبح أقل أهمية من حفنة تراب؟، مع أننا نعلم أن قتل المرتد غير معمول به في معظم بلدان المسلمين، بل ولا قدرة للواحد من الكثير منهم على فسخ نكاح المرتد من ابنته أو أخته، بل من ذا الذي يقدر على منعه من الميراث، بل ومن أن يدفن في مقابر المسلمين؟، فلم يكتفوا بكون هذا الحكم معطلا، بل أرادوا إبطال اعتقاد كونه شرعا منزلا، وإن لم يشعروا، فالله حسيبهم.

ومما يرتد به المسلم عياذا بالله تعالى أن ينكر معلوما من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج، أو حل النكاح بشرطه، أو وجوب تغطية المرأة ما عدا

<<  <  ج: ص:  >  >>