٩٤ - «وكل ما وصل إلى جوف الرضيع في الحولين من اللبن؛ فإنه يحرم، وإن مصة واحدة، ولا يحرم ما أرضع بعد الحولين، إلا ما قرب منهما كالشهر ونحوه، وقيل والشهرين».
ألحق الشرع الرضاع بالنسب في تحريم الزواج، وجواز النظر، والخلوة، والسفر، ولم يلحقه به في الميراث، ووجوب الإنفاق، ولزوم العتق بالملك، والشهادة، والعقل، أعني الدية، وإسقاط القصاص، ووجه ذلك أن الرضاع المعتبر شرعا يجعل بنية الشخصين مشتركة بسبب اللبن الذي ينفصل من المرأة، لكنه لا يصل إلى قوة النسب، والمراد هنا بيان الرضاع الذي يتم به التحريم في القدر والزمان، فأما القدر؛ فكل ما وصل إلى جوف الرضيع ولو مصة، فإنه ينشئ الحرمة، لأن التحريم جاء مطلقا في كتاب الله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ (٢٣)﴾ [النساء: ٢٣]، ويصدق ذلك على القليل والكثير، ولقول النبي ﷺ:«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»، وقوله:«إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة»، وهو في الموطإ أول كتاب الرضاع عن عائشة وفي أول أبواب الرضاع من صحيح البخاري، أي يحرم بسبب الثاني مثل ما يحرم بسبب الأول، كالأمهات، والأخوات، والعمات، والخالات، قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٧٧) نقلا عن القرطبي: «في الحديث دلالة على أن الرضاع ينشر الحرمة بين الرضيع والمرضعة وزوجها، يعني الذي وجد الإرضاع بلبن ولده منها، أو السيد، فتحرم على الصبي لأنها تصير أمه، وأمها لأنها جدته فصاعدا، وأختها لأنها خالته، وبنتها لأنها أخته، وبنت بنتها فنازلا؛ لأنها بنت أخته، وبنت صاحب اللبن؛ لأنها أخته، وبنت بنته فنازلا؛ لأنها بنت أخته، وأمه فصاعدا لأنها جدته، وأخته لأنها عمته،،،،»، انتهى.
واعلم أنه قد صح ما ينبغي اعتماده في تقييد التحريم بمطلق الرضاع الذي دل