يجوز اتخاذه للصيد ولحراسة الغنم ولا يجوز بيعه لنهيه ﷺ عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن»، رواه مالك والشيخان وأصحاب السنن، وذهب سحنون إلى جواز بيع الكلب المأذون في اتخاذه، وبالغ في القول بذلك فذكر أنه يبيعه ويحج به، وهو القياس، وسيأتي بعض التفصيل لهذه المسألة إن شاء الله.
ويمنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز، ومثلوا له ببيع الجارية لأهل الفساد، وبيع أرض لتبنى عليها كنيسة أو خمارة فضلا عن بيع سكنى تتخذ لذلك، وكبيع الخشبة لتتخذ صليبا، والعنب لمن يعصره خمرا، والنحاس لمن يصنع منه ناقوسا، أما من اشترى الخشب أو النحاس لأغراض مشروعة ومع ذلك صنع منه ما ذكر فليس من هذا القبيل، ومن ذلك أن تباع آلة الحرب من سلاح أو كراع أو سرج لأهل الحرب، وكل ما يتقوون به في الحرب، واستثنى بعضهم بيع الطعام لهم في الهدنة، وقيل يمنع بيعه لهم مطلقا، وهو المذهب.
الركن الثالث ما ينعقد به البيع، أعني الصيغة، وهي الإيجاب من البائع والقبول من المشتري، وكل ما شاركهما في الدلالة على التراضي كالمعاطاة لقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩)﴾ [النساء: ٢٩]، ولقول النبي ﷺ:«إنما البيع عن تراض»، رواه ابن ماجة (٢١٨٥) عن أبي سعيد الخدري ﵁، والمعاطاة أن يأخذ السلعة ويعطي ثمنها من غير إيجاب ولا قبول، فإذا كان ذلك لزم البيع، فأحرى إذا كان واحد منهما، وقيل لا تصح مطلقا، وقيل تجوز في المحقرات دون غيرها، ونرجع بعد هذا إلى الشرح.