المكاتب بفتح التاء هو المملوك الذي يكاتبه مالكه على العتق في مقابل مال يدفعه له، والكتابة بكسر الكاف وتفتح ومثلها في الضبط العتاقة، المراد بها العقد نفسه الذي يتم بين العبد ومالكه، وحدها ابن عرفة:«عتق على مال من العبد مؤجل موقوف على أدائه»، انتهى، وقد كانت الكتابة معروفة قبل الإسلام فأقرها الشرع، فخرج بقوله على مال ما كان على غير مال من العتق المؤجل والعتق المبتل والكفارة والعتق اللازم بالملك، وخرج بقيد مؤجل العتق على مال معجل، وهو المسمى قطاعة بكسر القاف وفتحها، وقد احتج لصحتها مالك في الموطإ بفعل أم سلمة -رضي الله تعالى عنها-، وكان ابن عمر ينهى عنها إلا بالعروض، لأنها إن كانت بالذهب والفضة فهي عنده من باب ضع وتعجل كما حكاه ابن عبد البر.
قلت: كأنه نظر إلى أن الكتابة منجمة، والقطاعة يعجل فيها المال الذي الأصل فيه التقسيط فربط بين الأمرين، لكن القول بجوازها بالعروض لا يغير من هذا الأمر فيما ظهر لي، والمذهب جواز أن تكون الكتابة حالة فتكون قطاعة، وقيد العبد مخرج للعتق على مال يدفعه غير العبد، وقوله موقوف على أدائه أي أنه لا يتم تحرير المملوك إلا إذا أتم الأقساط المترتبة عليه، وهو الذي أشار إليه المؤلف بقوله:«والمكاتب عبد ما بقي عليه شيء»، وهو لفظ مأثور عن ابن عمر ﵄ رواه عنه مالك في الموطإ (١٤٨٣)، ورواه بلاغا عن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار، وقال وهو رأيي، وقد جاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي ﷺ قال:«المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم»، رواه أبو داود.
وجاء مرفوعا بلفظ:«أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو عبد، وأيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد»، وفي الباب حديث ابن عباس ﵄ عن النبي ﷺ قال: «يودى المكاتب بحصة ما أدى دية الحر، وما بقي دية