٩ - «والإحداد أن لا تقرب المعتدة من الوفاة شيئا من الزينة بحلي، أو كحل، أو غيره، وتجتنب الصباغ كله، إلا الأسود، وتجتنب الطيب كله، ولا تختضب بحناء، ولا تقرب دهنا مطيبا، ولا تمتشط بما يختمر في رأسها».
الإحداد من الحد وهو المنع، ويطلق على وسيلة المنع أيضا، يقال أحدت المرأة إذا امتنعت من الزينة بعد وفاة زوجها، فهي محد، ويقال أيضا حدت المرأة فهي حاد، وهذا معناه في الشرع، والحكمة منه المحافظة على حق الميت، وسد الذريعة إلى الخطبة في العدة، أو تشوف المرأة إلى النكاح فيها، وحكمه الوجوب، ووقته وقت عدة الوفاة: أربعة أشهر وعشر ليال، أو وضع الحمل إن كان المتوفى عنها حاملا، وقد جاء في كلام الله تعالى الإشارة إليه، وبينت السنة حدوده، قال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٣٤]، والمراد ببلوغ الأجل انقضاء العدة، ولا يجوز أن يكون المراد بالمعروف الذي أبيح لهن فعله في أنفسهن هو الزواج، لأنه ليس لهن أمره استقلالا، فيكون المراد التزين والتهيؤ لما بعد العدة، ويجوز الإحداد على غير الزوج ثلاثة أيام لا أكثر، لقول النبي ﷺ:«لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا»، رواه أحمد والشيخان عن أم عطية.
والحديث نص في تحريم الإحداد أكثر من ثلاثة أيام على غير الزوج، وعلى جواز الإحداد على الزوج أربعة أشهر وعشرا، لأن الاستثناء جاء بعد المنع، أما دليل وجوب الإحداد مدة العدة؛ فما في حديث أم سلمة قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفنكحلها؟، فقال رسول الله ﷺ: