للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بن القاسم، التي فيها من قول ابن عمر: «إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى، وتثني رجلك اليسرى»، الموطأ (١٩٨)، خ/ ٨٢٧)، وهو في سنن النسائي، وهذه الرواية فيها إطلاق، لأن الرجل اليسرى تثنى سواء تورك المصلي أو افترش، بدليل مقابلة ذلك بنصب اليمنى، فبينت رواية القاسم بن محمد أن التورك يكون في التشهد، وبقي ما عداه من الجلوس بين السجدتين دون بيان، فلما جاء الدليل الذي بين مخالفة هيأة التشهد لغيره؛ لزم العمل به، ولو لم يرد دليل لأمكن القول بتعميم هيئة الجلوس، لأن الأصل تساوي الهيآت التي تتكرر في الصلاة، ويدل على ما ذكرته أن علماء المذهب المتقدمين لما لم يجدوا ما يعتمدون عليه من النصوص في بيان هيئة الجلوس التي نتحدث عنها؛ لجأوا إلى القياس، ولو اطلعوا على النص وهو حديث أبي حميد؛ لفرقوا بين جلوس وآخر، كما أنهم لو قارنوا بين ما ورد في وصف الصلاة بالافتراش مطلقا، وما ورد مقيدا لحملوا مطلقه على مقيده لأنهم من القائلين بحمل المطلق على المقيد، والدليل على ذلك موقف ابن العربي المتقدم، واقرأ ما قاله الباجي في (المنتقى ١/ ١٦٦) لتتأكد من ذلك، قال: «والدليل على صحة ما ذهب إليه مالك الحديث الذي يأتي بعد هذا (يقصد قول ابن عمر: إنما سنة الصلاة،،،»)، ومن جهة القياس أن هذا فعل يتكرر في الصلاة، فوجب أن يتكرر على صفة واحدة كالقيام والسجود»، انتهى، فأنت ترى بأنه إنما اعتمد في صفة الجلوس في غير التشهد على القياس على الجلوس في التشهد، فإذا ثبت أن هذا التشهد هو الأخير اختص التورك به.

وقد قال الحافظ في (الفتح ٢/ ٣٩٦) عند شرح حديث ابن عمر المتقدم: «على أن الصفة المذكورة - يقصد التورك - قد يقال إنها لا تخالف حديث أبي حميد، لأن في الموطإ أيضا عن عبد الله ابن دينار التصريح بأن جلوس ابن عمر المذكور كان في التشهد الأخير»، انتهى.

قلت: وفي المدونة من طريق ابن لهيعة عن أبي حميد ذكر التورك في الجلوس الأخير، أما حديث أبي حميد الذي أشار إليه الحافظ؛ ففيه التفريق بين الجلوس الأخير وغيره، وقد رواه البخاري (٨٢٨)، وأبو داود (٧٣٠ و ٩٦٣) عنه في صفة الصلاة، وفيه قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>