يتكلم حينئذ لما فيه من قبح الصوت، وقد جاء في صحيح البخاري مرفوعا:«إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع، ولا يقل: ها، فإنما ذلكم من الشيطان يضحك منه»، وروى الطبراني عن عبد الله بن عمر قال، قال رسول الله:«لا يصلين أحدكم وثوبه على أنفه، فإن ذلك خطم الشيطان»، ذكره في مسالك الدلالة، ويدلك على ذلك أيضا أن المرأة وهي المطالبة بالتستر لم يشرع لها ستر وجهها.
أما النهي عن ضم الثياب وكفت الشعر؛ فلما في الصحيحين من حديث ابن عباس ﵄ عن النبي ﷺ قال:«أمرت أن أسجد على سبعة، لا أكف شعرا ولا ثوبا»، الكف، هو الضم، وهو الكفت كما في رواية أخرى، والمعنى عدم جمع الثياب والشعر كي تباشر الأرض مع الساجد، وفي حديث أبي رافع عند أبي داود (٦٤٦) والترمذي (٣٤٨) وحسنه أنه مر بالحسن بن علي ﵄ وهو يصلي قائما وقد غرز ضفره في قفاه، فحلها أبو رافع، فالتفت حسن إليه مغضبا، فقال أبو رافع: أقبل على صلاتك، ولا تغضب، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول:«ذلك كفل الشيطان»، يعني مقعد الشيطان»، انتهى، والضفر الشعر يضفر بإدخال بعضه في بعض.
وقال ابن القاسم في المجموعة عن مالك:«ولا يتلثم، ولا يغطي فاه، وقال عنه أشهب في العتبية: «ولا يكفت ذو الشعر شعره بعمامة ويصلي، إلا أن يريد أن يستدفئ»، النوادر (في لباس الرجل في الصلاة).
لكن قالوا في الفروع الأربعة إنها مكروهة ما لم يكن ذلك عادته، ولم يكن في صنعة أو عمل يتطلب الاحتزام أو كفت الثياب أو ضم الشعر، ثم حضرت الصلاة، فصلى كذلك، قال في المدونة:«من صلى محتزما، أو شمر كميه، أو جمع شعره، فإن كان لباسه كذلك، أو كان في عمله وقد حانت الصلاة؛ فلا بأس بذلك»، وهذا لأنهم عللوا النهي بالتكبر، وخير للمصلي ولو كانت تلك هيئته في عمله أن يغيرها في صلاته، ولأن الأمور المذكورة تسجد مع الشخص، وقد ورد في الدعاء ذكر سجودها مع الساجد.