ذلك الاستمتاع جرى في وقت الحل، والله أعلم بمصالح عباده، وهو سبحانه يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، وحيث حرمه فلا لوم على من ذم من ارتكب ما حرمه، ولو كان ذلك غير محرم في وقت ما كالخمر والربا وغيرهما، فأين المحذور؟.
قال القرطبي في تفسيره للآية (٢٣٦) من سورة البقرة: «ولما نهى رسول الله ﷺ عن التزوج لمعنى الذوق وقضاء الشهوة، وأمر بالتزوج لطلب العصمة والتماس ثواب الله وقصد دوام الصحبة، وقع في نفوس المؤمنين أن من طلق قبل البناء قد واقع جزءا من هذا المكروه، فنزلت الآية رافعة للجناح في ذلك إذا كان أصل النكاح على المقصد الحسن»، انتهى.
ومتى ضرب للنكاح أجل لم يصح العقد، فإن أضمر الزوج التأجيل؛ فإن ذلك لا يؤثر في صحته عند الجمهور، وذهب الأوزاعي إلى بطلانه، وإن كان الفاعل آثما، قالوا والتأجيل مبطل للعقد ولو كان لعشرات السنين، إلا أن يكون الأجل مما لا يدركه عمر الزوج عادة، وقد روى ابن القاسم عن مالك فيمن تزوج امرأة على أن يأتيها نهارا، ولا يأتيها ليلا؛ أنه كره ذلك، وقال لا خير فيه، ثم اختلفوا إن وقع، فقال ابن القاسم يفسخ قبل البناء ويثبت بعده، وقال ابن الجلاب يفسخ فيهما، ووجه ذلك أنه شرط في النكاح ضد مقتضاه، لأن مقتضاه تأبيد المواصلة، وانظر المسالك لابن العربي (٥/ ٥١١).
أما دليل تحريم نكاح المتعة على التأبيد فهو قول النبي ﷺ:«إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء؛ فليخل سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا»، رواه مسلم (١٤٠٥) وأبو داود (٢٠٧٣) والنسائي وابن ماجة وغيرهم عن ربيع بن سبرة عن أبيه كما في بلوغ المرام، وقول الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره:«وانفراد سبرة به في مثل ذلك اليوم - يقصد يوم فتح مكة - معمز في روايته»؛ لا يلتفت إليه، لما هو معلوم عند أهل الحق من أن خبر العدل يجب العمل به، وما أكثر ما ردت الأخبار بمثل هذا.
أما استدلال من استدل على أن جواز نكاح المتعة حكم قرآني دل عليه قوله تعالى: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً (٢٤)﴾ [النساء: ٢٤] فمما لا يتجه وإن