قال به الجمهور، فإن السياق كله في النكاح الذي لم يختلف المسلمون في حله، وللسياق مدخل في بيان المجمل من النصوص كما قاله فحول الأصوليين، وقد استدل الشيعة على فضل آل البيت - وهم أهل فضل - بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣)﴾ [الأحزاب: ٣٣]، مع سبهم زوجات النبي ﷺ، فعقوا أمهاتهم بنص القرآن، والحال أن السياق كله وارد في الحديث عنهن، ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا.
ومما يدل على أن الآية ليست في نكاح المتعة المحرم؛ أن كثيرا من الأحاديث الواردة في المتعة جاءت بلفظ الترخيص والإذن، مما يعني أنه كان معلوم الحرمة عندهم، ولو كانت الآية دالة على ذلك؛ ما استقام التجويز تحت لفظ الترخيص.
فإن قلت: فتفسير من فسر الآية بذلك من السلف وعلى رأسهم عبد الله بن عباس ﵄، وهو من نال دعاء نبينا محمد ﷺ بقوله:«اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل»؛ فالجواب: أن تفسير سلفنا الصالح لكتاب الله يقدم على كلام غيرهم، وليس الخلاف في هذا، ثم إنهم لم يتفقوا على ذلك، وقول من اعتبر الآية دالة على ذلك الجواز يمكن أن يكون إدراجا منهم لفرد من أفراد العام تحته، كما أنه صالح من حيث إطلاق اللغة في وقت كان فيه جائزا، لكن السياق كما علمت يأباه، فإنه في النكاح المعهود عندهم، والنبي ﷺ أوتي القرآن ومثله معه، وكثيرة هي الأحكام التي شرعت بالسنة ونسخت أو أبقيت، وللمخالفين لما ذهب إليه ابن عباس في الآية قولان أحدهما أنها منسوخة، وقد نقل هذا عن ابن مسعود وعلي بن أبي طالب وقاله سعيد بن المسيب، والناسخ عند بعضهم آيات الطلاق والصداق والعدة والميراث، والقول الثاني أن معنى الآية الطلاق قبل الدخول، قال ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ٣١٩): «فهذان القولان عليهما أهل العلم إلى اليوم في جميع أمصار المسلمين مخالفين لابن عباس في ذلك»، أما أن عبد الله بن عباس ﵄ هو حبر الأمة؛ فمما لا ينازع فيه، ولكن هل يلزم من ذلك أن الحق معه في كل ما قال؟، هذا لا يقوله مستبرئ لدينه، وقد رجح ابن كثير غير قول ابن عباس في مدة حمل مريم بعيسى ﵉، إذ كان حبر الأمة يرى أنها وضعته بمجرد الحمل اعتمادا على فاء التعقيب في قوله تعالى: