للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١١ - «ولا يباع شيء من الأضحية: جلد ولا غيره».

متى تعينت الأضحية نسكا وقربة، وذلك بالشروع في ذبحها؛ انتقلت عن كونها مجرد لحم إلى كونها عبادة، فلا يتصرف المكلف فيها إلا وفق ما أذن له فيه دينه، ومما لم يؤذن له فيه أن يبيع شيئا منها لحما كان أو غيره، ومثل البيع أن يعطي شيئا منها أجرة للجازر أو للحارس، لقول علي : «أمرني رسول الله أن أقوم على بُدنه وأقسم جلودها وجلالها، وأن لا أعطي الجزار منها شيئا، قال: ونحن نعطيه من عندنا»، رواه الشيخان (خ/ ١٧٠٧)، وأبو داود (١٧٦٩)، وهذا لفظه، والبدن بضم الباء وسكون الدال جمع بدنة بمفتوحتين، تقع على «الجمل والناقة والبقرة، وهي بالإبل أشبه»، كذا في النهاية، وقال الحافظ إن أصل البُدن من الإبل، وألحقت بها البقر شرعا»، قلت هذا إذا ذكرت البدن وحدها، لكن قد تذكر الإبل والبقر معا في نص كما في حديث ابن عباس في اشتراك العشرة في البدنة والسبعة في البقرة، والجلال بكسر الجيم جمع جُل بضمها وفتحها؛ هي ما تُلبَسُه الدابة بوضعه على ظهرها لتصان به وقد توسع في استعماله، فقال قائلهم:

أخا الحرب لباسا إليها جلالها … وليس بولاج الخلائف أعقلا

ووجه الدلالة في حديث علي أنه نهاه أن يعطي الجزار منها شيئا لقاء عمله، فدل على عدم جواز دفع شيء منها في سائر المعاوضات، ومنها البيع، والمنهي عن البيع إنما هو المضحي أو من يقوم مقامه كالوكيل، أما من أهدي له أو تصدق به عليه فلا يمنع من ذلك، لأنها انتقلت إليه بوجه مشروع، فزال عنها الوصف الخاص، فله أن يتصرف فيها تصرف المالك فيما يملك، ومن جملة ذلك البيع، ولو علم من تصدق عليه أو أهدى له بأنه يبيع، وفي زماننا تجمع الجلود وتعطى لجمعيات المساجد، فتبيعها، وذلك لا حرج فيه إن شاء الله لأنها قد تصدق بها فخرجت من مالكها، أما قول الشارح أبي الحسن: «وبني

<<  <  ج: ص:  >  >>