مد النبي ﷺ، إلا الظهار فإنه بمد هشام»، انتهى، والصاع أربعة أمداد، والمد ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين.
ولا فائدة في التحديد بالوزن لاختلاف المواد في الكثافة، وقد رأيت بعض من كتب في ذلك يذكر وزن الصاع من غير أن يبين من أي المواد هذا الوزن؟، وإنما النافع معرفة سعة الصاع، وقد تقدم أن حجم المد نحو ٠.٦٩ ل من المائة من اللتر، فيكون حجم الصاع مساويا (٠.٦٩) × (٤) = ٢.٧٦ ل.
ولا يكفي ما دون الصاع للقادر عليه، ولو كان ثمنه أغلى من غيره، لكن من لم يقدر إلا على بعض الواجب كآصع هي دون عدد من يجب عليه إخراج الزكاة عنهم، أو بعض صاع عن واحد منهم أو عن نفسه؛ تعين عليه إخراج ما قدر عليه، إذ لا يشترط في المزكي أن يكون غنيا، بل كل من كان عنده ما يزيد عن حاجته يوم العيد أخرج الزائد للإطلاق الذي في الحديث، وبهذا يكون كثير ممن وجب عليهم إخراج زكاة الفطر مستحقين لأخذها، لانطباق وصف الفقر عليهم، فكأن من حكمة مشروعيتها حض المسلم على التعود على أن يتصدق بما يقدر، وأن لا يكون همه الادخار، بل ينبغي أن يعيش متضامنا مع غيره ممن هو دونه في الرزق، ويتضامن غيره معه ممن هو فوقه، بل إن المذهب أن من وجد من يسلفه، وكان له وفاء تسلف وأخرج، قال في المدونة (١/ ٢٨٩): «أرأيت من تحل له زكاة الفطر، أيؤديها في قول مالك؟، قال: نعم، قلت: فالرجل يكون محتاجا؛ أيكون عليه صدقة الفطر؟، قال: قال لي مالك: «إن وجد فليؤد»، قال: فقلنا له: «فإن وجد من يسلفه»؟، قال:«فليتسلف، وليؤد»، لكن لا يظهر الإيجاب على من هذا شأنه.