ما تقدم من التحريم بالمصاهرة؛ إنما يتم إذا كان النكاح صحيحا، أو فيه شبهة بعدم العلم بالتحريم لأنه يدرأ الحد، ويلحق فيه الولد بأبيه، أما إن كان ذلك زنا؛ فلا يحرم به شيء، كمن زنا بامرأة فلا تحرم عليه بنتها، ولا أمها، فإن الحرام لا يحرم الحلال، وهذه المسألة مما أخذ فيه المغاربة بقول الإمام في الموطإ مع أنه مخالف لما في المدونة التي يقدمونها على غيرها من الأمهات بما في ذلك الموطأ، وقد جاء فيه تحت ترجمة «نكاح الرجل أم امرأة قد أصابها على وجه ما يكره»؛ قال مالك في الرجل يزني بالمرأة فيقام عليه الحد فيها: إنه ينكح ابنتها، وينكحها ابنه إن شاء، وذلك أنه أصابها حراما، وإنما الذي حرم الله ما أصيب بالحلال، أو على وجه الشبهة بالنكاح، قال الله ﵎: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾، فلو أن رجلا نكح امرأة في عدتها نكاحا حلالا فأصابها؛ حرمت على ابنه أن يتزوجها، وذلك أن أباه نكحها على وجه الحلال لا يقام عليه فيه الحد، ويلحق به الولد الذي يولد فيه بأبيه،،،».
لكن جاء في المدونة (٢/ ٢٠٢) في جواب مالك على ما ذكر قال: «يفارقها ولا يقيم عليها، وهذا خلاف ما قال لنا مالك في موطئه، وأصحابه على ما في الموطإ، ليس بينهم فيه اختلاف، وهو الأمر عندهم»، انتهى، وقد حمل معظم أهل المذهب المفارقة على الوجوب، ومشهور المذهب الجواز اعتمادًا على ما في الموطإ، فإن كل أصحاب مالك عليه عدا ابن القاسم، وقيل بالتحريم اعتمادا على ما ذكره ابن حبيب رواية عن مالك أنه رجع عنه وأفتى بالتحريم إلى أن مات، والقياس الأول، ولأن الله تعالى إنما حرم أم المنكوحة وبنتها، والمقصود بالنكاح المشروع منه.
وقال الشيخ علي الصعيدي في حاشيته على شرح أبي الحسن (٢/ ٣٣٤): «فإن قلت: