عند المالكية أو بغيره فليفعل، أما إن كان المأموم غير مقتنع بالقنوت، وإمامه يقنت؛ فليقرأ القرآن إذا سكت إمامه وكان يأتي بالقنوت قبل الركوع، أو يدعو إذا كان إمامه يأتي بالقنوت بعد الركوع، فذلك إن شاء الله خير من السكوت، فإن المصلي يناجي ربه كما تقدم، ولا سكوت في الصلاة دون أن يكون المأموم منصتا، والله أعلم.
وليحذر من اقتنع بعدم مشروعية هذا القنوت، او اتبع من لا يرى تلك المشروعية أن يصفه بالبدعة أو يلوم من يفعله، فإن هذا من ضيق العطن أو قلة العلم، وليستحضر ما نقله ابن القيم عن الإمام أحمد حين سئل عن الصلاة خلف من كان يقنت من أهل البصرة، فقال:«قد كان المسلمون يصلون خلف من يقنت وخلف من لا يقنت»، بالنقل عن صحيح فقه السنة لأبي مالك (١/ ٣٦٧).
ومما يذكر هنا أن بعضهم يرى أنه لا قنوت في النوازل إلا بإذن الإمام، وقد روي ذلك عن الإمام أحمد، ولعل قائل ذلك قد سمع فتوى بعض أهل العلم المعاصرين، فظن أن هذا الأمر مما تستوي فيه البلدان، وما ظنه ليس بصحيح.
ومما قلته في كتابي (المخرج من تحريف المنهج): وإن شئت أن أضرب لك مثلا؛ ذكرت من المسائل المعاصرة أمرين مرتبطين بهذه الحرب التي شنها الكفار على أرض الإسلام: أحدهما قنوت النوازل أثناء هذه الحرب التي شنتها أمريكا وأنجلترا ومن تحالف معهما على العراق، إذ رفع بعضهم عقيرته يعارض هذا القنوت، لأنه سمع فتوى لبعض العلماء يشترط فيه إذن الحاكم، وغالب ظني أنه سمع كلاما لبعض علماء المملكة السعودية يرون اشتراط إذن الحاكم مراعاة لأوضاع بلدهم، مع وجود تلك الرواية عن أحمد، وقد قلت يومها: إن هذا قول صدر في ظرف خاص، ولموجب رآه أهل العلم لبلدهم، وهم محقون فيه، لكننا لا نعتبره ملزما لنا، إذ كيف نخصص السنة الفعلية الثابتة بأفعال الناس وآرائهم؟، ومما يدل على مراعاتهم أوضاع بلدهم وموقف حكومتهم؛ أنهم قنتوا أثناء حرب اليهود على جنوب لبنان منذ أكثر من عقدين من الزمان، إذ لا يتسبب ذلك في إثارة خلاف ظاهر بين الحاكم والعالم، فالوضع في المملكة يختلف عن الوضع عندنا،