أصول الملة، وما يلزم القلوب اعتقاده، والألسنة النطق به» (١).
ولم يكن ترك الجدال منهجه في الأمور العقدية فحسب، بل طرده إلى غيرها من الأمور العملية، فضلا عن تركه التأويل، فهو يرى أن يسلم للنصوص، وأن لا تؤول، وأن تفهم على فهم السلف، وأن لا يخرج عن أقوالهم، كما قال في كتاب الجامع ص (١١٧) الذي هو أحد أجزاء كتابه (مختصر المدونة): «التسليم للسنن، لا تعارض برأي، ولا تدفع بقياس، وما تأوله منها السلف الصالح تأولناه، وما عملوا به عملناه، وما تركوه تركناه، ويسعنا أن نمسك عما أمسكوا، ونتبعهم فيما بينوا، ونقتدي بهم فيما استنبطوا ورأوه من الحديث، ولا نخرج عن جماعتهم فيما اختلفوا فيه، أو تأويله، وكل ما قدمنا ذكره فهو قول أهل السنة وأئمة الناس في الفقه والحديث».
• مؤلفاته:
تآليف ابن أبي زيد كثيرة، قيل إنها بلغت الأربعين، ولعل بعض من ترجموا له قد اختلفوا في أسماء بعضها، فازداد عددها بسبب ذلك، فمثلا كتاب (أحكام المعلمين والمتعلمين) الذي اعتمده ابن خلدون في بيان الحكم الشرعي في تأديب المتعلمين يرجح أن يكون هو المسمى (رسالة طلب العلم)، وقد أنكره فؤاد سزكين في كتابه (تأريخ التراث العربي)، كما أن كتاب (الاقتداء بأهل السنة) يسميه بعضهم (الاقتداء بأهل المدينة)، وبعضهم يطلق عليه (الاقتداء)، ولعله اختصار لما سبق، ويسميه بعضهم (الأمر والاقتداء، والنهي عن الشذوذ عن العلماء، وإيجاب الائتمام بأهل المدينة)، حتى زعم بعضهم أنها ثلاثة كتب كما تجده في مقدمة التحقيق الذي قام به الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو لكتاب النوادر والزيادات، وكتاب (تهذيب العتبية)، لعله هو الذي سماه ابن النديم في فهرسته (التهذيب المستخرج)، وبعضهم يسميه (تهذيب المستخرجة).
بيد أن أهم كتبه ثلاثة هي (النوادر والزيادات، عما في المدونة من غيرها من الأمهات)، و (مختصر المدونة)، و (الرسالة)، قال القاضي عياض عن الأولين: «على
(١) «شرح عقيدة ابن أبي زيد للقاضي عبد الوهاب»: (٦٨).