وتأويله بغير حق، وغير ذلك مما ظهر في هذا الزمان من الانصراف عن الاهتداء به وهو الذي أنزله الله من أجله إلى أمور أخرى بعضها بعيد عن الصواب وبعضها فيه شيء، وعن عمران بن حصين عن النبي ﷺ قال: «اقروا القرآن واسألوا الله به، فإن من بعدكم قوما يقرؤون القرآن يسألون به الناس، رواه أحمد والترمذي (٢٩١٧)، والقصة التي في سنن الترمذي مبينة أن عمران احتج به فيمن يقرأ ويسأل بالقراءة، وروى أحمد وأبو داود عن جابر قال، قال رسول الله:«اقرؤوا القرآن وابتغوا به الله تعالى، من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القِدْح يتعجلونه ولا يتأجلونه»، القدح بكسر القاف السهم يرمى به، والمراد شدة العناية بالألفاظ ومخارج الحروف ونحو ذلك، وقوله «يتعجلونه» يطلبون بقراءته الدنيا كالمال والجاه، وقوله «ولا يتأجلونه» أي لا يريدون به ما عند الله في الآخرة، ذكره زيادة في توكيد تعجلهم عرض الدنيا وإن كان مفهوما من الأول، والظاهر أن النهي عن الأكل به يشمل كل ما لم يستثن، ومن ذلك الأجرة على مجرد تلاوته لأنها عبادة محضة فلا يجوز أخذ الأجرة عليها، ومما استثني الرقية به بشرطها، وقد تقدم دليلها، أما أخذ الأجرة على تعليمه فقد روى ابن ماجة (٢١٥٧) عن عبادة بن الصامت قال: «علمت أناسا من أهل الصفة القرآن والكتابة فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت: ليست بمال، وأرمي عنها في سبيل الله، فسألت رسول الله ﷺ عنها فقال: «إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها»، وليس ببعيد أن يكون ذلك لأنه لما دخل على تعلميهم لوجه الله تعالى كان أخذ القوس من أحدهم مناقضا لما دخل عليه، فلزمه البقاء على الأصل، وهو كالهبة فلا يسوغ له الرجوع فيها، مع ما كان عليه أهل الصفة من الفقر والحاجة، ومن المستبعد بالنظر إلى حالهم أن يكون قد دخل على الأجرة، ومهما يكن فإن تعليم كتاب الله من غير أجرة خير، فإنه من الصدقات الجارية.