٢١ - «ولا يسقط الدين زكاة حب، ولا تمر، ولا ماشية».
المذهب أن الدين إنما يسقط أو ينقص زكاة العين على التفصيل المتقدم، لأنها أموال خفية، والسلطان لا يطالب بأخذها من أربابها، أما زكاة الحرث، وزكاة الماشية؛ فلا يسقطها الدين ولا ينقصها، والعمدة في ذلك أن النبي ﷺ والخلفاء من بعده ﵃؛ كانوا يرسلون الجباة لجمع الزكاة، فما عرف أنهم كانوا يسألون المزكين هل عليهم دين أو لا؟، ولأن من عليه الدين؛ ينبغي له أن يبادر إلى قضائه حيث كان قادرا موسرا، فلو قضاه ونقص المال عن النصاب؛ فلا يجب عليه شيء، فلما لم يقضه؛ تعينت عليه الزكاة.
قال كاتبه: لكن إذا كان الجباة لم يؤثر عنهم أنهم كانوا يسألون أرباب الأموال عما عسى أن يكون عليهم من ديون؛ فهذا وحده ليس دليلا على أن الديون لا تطرح من الحرث والماشية قبل إخراج الزكاة، لأن الجباة متمسكون بالأصل، ولأن المعروف عن الناس في القرون المفضلة الابتعاد عن الاقتراض إلا من ضرورة أو حاجة بخلاف الأمر فيما بعد، ولاسيما في هذا العصر الذي قلد الناس فيه الكفار في التوسع في مرافق الحياة كالسعي في امتلاك المسكن والسيارة والتوسع في التجارة والخدمات كل ذلك بالاعتماد على الاقتراض، وكل هذا خلاف الصواب، ولما كان الفارق بين زكاة الحرث والماشية وبين زكاة العين غير واضح في مسألة طرح الدين، مع أنه في كل منها مؤثر في نقص الملك؛ اتجه القول بإسقاط الدينِ الزكاةَ من غير فرق بين نوع وآخر.