للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٧ - «وإن شك في الفجر؛ فلا يأكل».

هذا مبناه على الاحتياط للعبادة، ففي المدونة: «كان مالك يكره للرجل أن يأكل إذا شك في الفجر؟، فقال: نعم»، والظاهر من هذه الكراهة المنع، يدل عليه قوله قبله: «ما قول مالك فيمن شك في الفجر في رمضان، فلم يدر أكل فيه، أو لم يأكل؟، قال، قال مالك: «عليه قضاء يوم مكانه»، وبهذا يعلم ما في كلام صاحب مسالك الدلالة حيث قال: «وليس في المدونة إلا الكراهة، فمن فهم منها المنع فقد أبعد»، انتهى.

ويقوي ما ذكرته من تحريم الأكل على الشاك في المذهب؛ ما في النوادر والزيادات من قول مالك: «فإن أكل بعد شكه؛ فعليه القضاء، ولا يُكَفِّرْ»، انتهى، لكن منع الشاك من الأكل يعارضة أمران: الأول استصحاب الأصل وهو هنا الجواز، أعني الاستمرار على ما كان عليه المرء من قبل، والثاني الغاية التي في قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: ١٨٧]، بخلاف الصائم، قيستصحب الأصل أيضا وهو الصوم، فلا يفطر إلا بيقين، وعن ابن عباس قال: «كل ما شككت حتى لا تشك»، رواه البيهقي عنه بإسناد صحيح، وقد اعتمد عليه ابن حبيب في القول بجواز أكل الشاك، وانظر المصنف لعبد الرزاق الأثر (٧٣٦٥) وما بعده، لكن الشاك هنا ليس الذي يغلق عليه بابه ونوافذه فإذا استيقظ قال إني شاك، فيجوز لي الأكل، مع ما عنده من وسائل التوقيت التي لم تكن متوفرة من قبل، بل المراد والله أعلم من كان يرى الأفق غير أنه لم يدر أطلع الفجر أم لا، أو كلف غيره بذلك فشك، وعن عطاء ما يخالف هذا كما في المصنف لعبد الرواق.

<<  <  ج: ص:  >  >>