٠٣ - «ويكره صباغ الشعر بالسواد من غير تحريم ولا بأس به بالحناء والكتم».
روى أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن جابر بن عبد الله قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا، فقال رسول الله ﷺ:«غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد»، الثغامة واحدة الثغام، قال في النهاية:«هو نبت أبيض الزهر والثمر يشبه به الشيب، وقيل هي شجرة تبيض كأنها الثلج.
وقد تعقب الاستدلال بهذا الحديث على المنع بأنه واقعة عين يتطرق إليها الاحتمال، فلا عموم فيها، فيقال: قد روى أحمد وأبو داود والنسائي عن ابن عباس ﵄ قال، قال رسول الله ﷺ: «يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يَريحون رائحة الجنة»، يقال خضب الشيء يخضبه إذا غير لونه بحمرة أو صفرة، والحواصل مفردها حوصلة، وهي للطائر بمثابة المعدة للإنسان، والمراد صدورها لأنها غالبا سوداء، فهي من التعبير بالحال عن المحل كما يقول أصحاب البلاغة، وقوله ﷺ لا يريحون هو ثلاثي، أي لا يشمون ولا يجدون رائحة الجنة، وهو تهديد شديد لا يكون على المكروه.
وقال مالك في الموطإ عن صبغ الشعر بالسواد:«لم أسمع في ذلك شيئا معلوما، وغير ذلك من الصبغ أحب إلي، وترك الصبغ كله واسع إن شاء الله … »، انتهى.
قال كاتبه: وحيث جاء النهي من النبي ﷺ عن الصبغ بالسواد، فمالك يأخذ به، والأصل في النهي الدلالة على التحريم عنده مع ما رأيت من الوعيد بعدم دخول الجنة ابتداء على الصبغ بالسواد، إلا أن يقال إن الكلام في الحديث عن جماعة معينة التقى فيها هذا الوصف مع غيره من المخالفات التي لم تذكر، فالصبغ من سماتها كما قيل عن