سمِّيت بصلاة الخوف؛ لأن الناس يصلونها مع احتمال أن يباغتهم العدو المواجه لهم فيقاتلهم، فشرعت لهم هذه الكيفية ليحافظوا على الصلاة من جهة، ويحترسوا من عدوهم من جهة أخرى، واشتراع هذه الكيفية الخاصة وهي قسمة الجيش إلى طائفتين، والعدول عن تكرار صلاة الجماعة مرتين بإمامين؛ يستدل به على تأكد طلب صلاة الجماعة من جهة، كما يستدل به على أن الأولى عدم تعددها متى أمكن ذلك لما فيه من ترابط الجماعة وتماسكها.
وقد شرع الله تعالى هذه الصلاة بكتابه على وجه الإجمال، وجاء تفصيل كيفياتها وصورها التي تؤدى عليها في السنة العملية، وهي كثيرة يشمل معظمَها المنصوص في القرآن، وهو تقسيم الجيش إلى طائفتين إحداهما تصلي مع الإمام والثانية تتولى الحراسة ثم تأتي الطائفة الأخرى فيتم بها الإمام ما بقي من الصلاة، ودل السياق على أن كلا من الطائفتين تتم لنفسها، ودل على أن الطائفة الثانية لا تغادر مكانها حتى تتم الطائفة الأولى، قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٠٢)﴾ [النساء: ١٠٢].
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ﴾؛ ليس قيدا في مشروعية هذه الصلاة عند جمهور العلماء، وخالف أبو يوسف في إحدى الروايتين عنه، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وإبراهيم بن علية، والمزني صاحب الشافعي، فرأى بعضهم أنها خاصة بالنبي ﷺ، أو منسوخة، والحق أنها مشروعة لأن أمته مثله في الأحكام إلا ما دل الدليل على اختصاصه به، ولأن العلة التي شرعت لها قائمة بقيام الجهاد الذي لا ينقطع إلى يوم الدين، أما إن كان المراد