للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٣٤ - «وعليه النفقة والسكنى بقدر وجده».

من حقوق الزوجة على زوجها نفقة الأكل والشرب واللباس والسكنى بقدر حاله، فأما الزوجة التي في العصمة فوجوب الإنفاق عليها لا خلاف فيه، فإن طلقت فثمة تفصيل سيأتي ذكره في بابه، قال الله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا (٧)[الطلاق: ٧]، وقال سبحانه: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ (٦)[الطلاق: ٦]، والوجد بضم الواو السعة والطاقة، فجعل المرجع فيما يجب من المسكن والنفقة؛ حال الزوج، وقد اعتبر حاله في غير النفقة كالمتعة، والمشهور مراعاة حالهما معا، فيجب عليه أن ينفق عليها إنفاق مثله على مثلها، لكنهم قالوا لا يجب التسوية في النفقة والكسوة بين الزوجات، بل يراعى حال المرأة من غنى وفقر، واحتجوا بقول الله تعالى ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، وقول النبي لهند زوجة أبي سفيان : «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف»، وهذا لا دليل فيه على عدم العدل بين الزوجات في النفقة، بل فيه دليل على أن النفقة لا تقدر بشيء ثابت معلوم، بل مردها إلى العرف والاجتهاد، بخلاف قول الشافعي ، وذلك هو الذي يتأتى معه مراعاة حال الزوج، وفي عدم التسوية بين الزوجات من الفساد ما لا يخفى، والشارع إنما طالب الزوج بالإنفاق بحسب وسعه، لا بحسب حال زوجته، فينبغي أن تتساوى الزوجات فيما ينالهن من ذلك، وإلى هذا ذهب ابن نافع كما حكاه زروق وابن ناجي عنه، وقيل إنها رواية أخرى عن مالك، وذكرها ابن عبد البر في الكافي بصيغة التمريض، وهي أجدر أن يؤخذ بها من سابقتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>