للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السعي، ولعله قد ظن أن السعي أهم من الطواف، فلا يقطع لأجل الصلاة!!، والثالث إكمال الأشواط سبعة، والرابع أن يتقدمه طواف صحيح أي طواف كان، وقيل يشترط أن يكون الطواف الذي يسبقه واجبا، وقد علمت أن السعي يجب تقديمه على الوقوف بعرفة إلا للمراهق، وهو الذي خشي فوات الوقوف بعرفة، ومثله الحائض والنفساء، فإنهم لما كانوا لا طواف عليهم؛ كان تأخيرهم السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة لا بد منه.

ومن سنن السعي اتصاله بالطواف، إلا الزمن اليسير، وقيل إن الاتصال واجب يجبر بالهدي، وهو ما نص عليه ابن عاشر في نظمه، وقد ورد عن الإمام أكثر من رواية كما في النوادر (٢/ ٣٨٢)، مما يدل على أنه لا يرى وجوب ذلك، ومنها بالمعنى أن من طاف ثم تنفل سبوعا أو سبوعين فلا شيء عليه، ومنها أن من أتى ليلا فطاف ولم يسع إلا بعد أن أصبح؛ فإن كان بطهر واحد أجزأه.

وقد ذكر الحطاب في شرحه على مختصر خليل شيئا من هذا، لكن فيه «وطاف نفلا سبعا أو سبعين»، وهذا يوهم أنه طاف سبعا أو سبعين طوافا، وإنما هو سبوع أي سبعة أشواط، أو سبوعين، مثنى سبوع، وقد حصل لبعض وزراء الشؤون الدينية المتشددين في التعصب لمذهب مالك بغير وجه حق؛ أن طاف بالبيت مع بعض النساء في بعض ليالي منى وعجزت النساء عن إتمام الطواف، وخشي فوات المبيت بمنى، فيترتب عليه هدي، فعاد إليها وجاء يسأل هذا الذي يكتب ما تقرؤون فقلت له ممازحا ومذكرا له بتعصبه إن مذهب مالك أن تهدي هديا عنك وعمن معك، ثم أجبته بما كنت مقتنعا به وهو أن يرجع بعد نصف الليل فيسعى مع من معه، ومن سنن السعي تقبيل الحجر الأسود قبل الخروج إلى الصفا، والرقي على الصفا والمروة، والدعاء عليهما، ويستحب فيه طهارة الحدث والخبث، وستر العورة، وعن مالك يقطعه لأجل تحصيل الطهارة، ثم يبني.

واعلم أنه لما ضاق المسعى بالناس وحصل فيه الزحام فقد أحدث فيه الطابق الأول ثم احتاج الناس إلى السعى على السطح، فلما لم يكف ذلك؛ استفتي أهل العلم في مشروعية توسيع المسعى عرضا إلى جهة المشرق، فكان أن اتفق معظم أعضاء اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية على عدم مشروعية ذلك، ورأوا أن السعي يكون في

<<  <  ج: ص:  >  >>