٣١ - «وأن خير القرون القرن الذين رأوا رسول الله ﷺ وآمنوا به، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
يجمع علاقتنا بالسلف الصالح ثلاثة أمور ذكرها المؤلف، وهي اعتقاد أفضليتهم، والاستغفار لهم، واقتفاء آثارهم، وقد ابتدأ بالأفضلية.
والقرن هنا هو الجيل من الناس، ويطلق على الأمة كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ﴾ [المؤمنون: ٤٢]، وقال تعالى: ﴿وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٨]، ويطلق على مدة محددة من الزمان اختلف في مقدارها، والصواب: أنها مائة عام.
والمراد أن على المؤمن أن يعتقد وجوبا أن خير الأجيال الجيل الذي بعث فيهم رسول الله ﷺ وهم أصحابه، ولا وجه لاعتبار الجيل في حديث خيركم قرني، وسيأتي ذكره؛ الناس عموما، ثم يقال إن الحديث مخصوص كما ذكر بعضهم، بل إن كفار ذلك الزمان هم شر الأجيال.
والصحابي كل من رأى النبي ﷺ مؤمنا به ثم مات على ذلك، فقولنا: مؤمنا به؛ احتراز ممن رآه غير مؤمن به، ثم آمن بعد ذلك، ولو في حياته، فإنه ليس صحابيا إذا لم يلقه مؤمنا، وقولنا: ثم مات على ذلك احتراز ممن رآه مؤمنا به ثم ارتد، ورجع إلى الإسلام ولم يره مرة أخرى مؤمنا به، فقد اختلف فيه، والمحدثون مطبقون على إثبات روايته، والمراد بالرؤيا لقاؤه، فإن من لم يره لمانع كعمى؛ هو صحابي بالإجماع كعبد الله بن أم مكتوم ﵁.