القراءة في صلاة الصبح، حتى سميت في كتاب الله قرآن الفجر، ومع هذا الاحتمال لا يصح الاستدلال، وروى مسلم وأبو داود (١٤٤١) والترمذي (٤٠١) وقال حسن صحيح عن البراء بن عازب أن النبي ﷺ كان يقنت في صلاة الصبح والمغرب»، وهذا كما ترى لا حجة فيه، لأن القائلين بالقنوت في الصبح لا يرونه في المغرب، وقد تقدم نقل الحازمي الاتفاق على عدم القنوت في الصلوات الأربعة لغير سبب، فما قالوه في ترك القنوت في المغرب يقال لهم في ترك القنوت في الصبح، والظاهر أن المراد في حديث البراء هذا هو قنوت النوازل، وذكر البراء لصلاتي المغرب والصبح لا ينفي القنوت في غيرهما، قال الترمذي:«وقال أحمد وإسحاق لا يقنت في الفجر، إلا عند نازلة تنزل بالمسلمين، فإذا نزلت نازلة؛ فللإمام أن يدعو لجيوش المسلمين»، والنوازل جمع نازلة، وهي ما ينزل بالمسلمين من النوائب كحربهم للكفار، والأمراض العامة، والجوائح ونحو ذلك، وقد ذهب ابن حزم إلى أن القنوت في جميع الصلوات حسن لسبب ولغيره.
ويمكن أن يحمل ما ثبت عن الخلفاء وغيرهم على هذا القنوت، أعني قنوت النوازل لما رواه الترمذي (٤٠٢) وابن ماجة وغيرهما عن أبي مالك الأشجعي قال: قلت لأبي: «يا أبت إنك صليت خلف رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب هاهنا بالكوفة نحوا من خمس سنين، أكانوا يقنتون»؟، قال:«أي بني محدث»، فهذا إما أن يحمل على أنه لم يعرف القنوت مطلقا كما قال ابن حزم، أو يحمل على نفي قنوت خاص دائم، وهو الذي قال به الإمامان في الصبح، ولا يصح أن يقال إنه نفى القنوت مطلقا، فقد تقدم إثباته في النوازل، ولأن السؤال كان عن القنوت في صلاة الصبح بخاصة، يدل عليه ما في رواية ابن ماجة لهذا الحديث:«أكانوا يقنتون في الفجر»؟.
أما قنوت النوازل؛ فأدلة إثباته كثيرة منها حديث أبي هريرة عند الشيخين وأبي داود (١٤٤٢) قال: «قنت رسول الله ﷺ شهرا في صلاة العتمة يقول في قنوته: «اللهم نج الوليد بن الوليد، اللهم نج سلمة بن هشام، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف»، قال أبو هريرة: «وأصبح