قلت: هذا إذا كان الذهب والفضة غير مصوغين أما المصوغ منهما فالظاهر أنه من القيمي، وذكر الشوكاني ﵀ في نيل الأوطار ((٦/ ٧١) وهو بصدد ذكر أقوال مالك ﵀ في ضمان ما استهلك: «وعنه أيضا ما كان مكيلا أو موزونا فالقيمة وإلا فالمثل، قال في الفتح وهو المشهور عندهم»، انتهى.
قلت: هو في الفتح كما ذكره الشوكاني، والمشهور خلافه كما علمت، ويقال ما هي المثليات إذا لم يدخل فيها المكيلات والوزونات، كما كان عليه الأمر في غابر الأزمان؟
وفي المسألة حديث أنس ﵁ قال:«أهدت بعض أزواج النبي ﷺ إليه طعاما في قصعة فضربت عائشة ﵁ القصعة بيدها فألقت ما فيها، فقال النبي ﷺ: «طعام بطعام وإناء بإناء»، رواه الترمذي (١٣٥٩) وصححه، وهو في صحيح البخاري وعند بقية أصحاب السنن نحوه، وعند أبي داود والنسائي قول عائشة -رضي الله تعالى عنها-: «قلت يا رسول الله ما كفارة ما صنعت»؟، قال:«إناء مثل إناء وطعام مثل طعام»، وفي سنده جسرة بنت دجاجة، لكن حسنه الحافظ في الفتح ((٥/ ١٥٥)، فقوله: إناء بإناء يدل على أن القيمي يضمن بمثله، ولا يضمن بالقيمة إلا إذا لم يوجد المثل، وهو رواية عن مالك أعني ضمان القيمي بالمثل إلا عند التعذر، ويؤيده رواية ابن أبي حاتم للحديث بلفظ:«من كسر شيئا فهو له وعليه مثله» انظر نيل الأوطار (٦/ ٧١)، ووجه ضمان القيمي بقيمته أن القيمي يعسر العثور على مثله من كل وجه فاللجوء إلى القيمة أولى، لكن يقال إن النبي ﷺ جعل القصعة في مقابل القصعة مع أنهما قد تكونان مختلفتين كما جعل الطعام في مقابل الطعام، ومن النادر أن يكون هذا مثل ذاك، بل قال الحافظ في الفتح:«وفي طرق الحديث ما يدل على أن الطعامين كانا مختلفين»، انتهى.
وقد استدل الغماري في مسالك الدلالة (ص ٢٧٢) على ضمان القيمي بقيمته بحديث ابن عمر مرفوعا: «من أعتق شركا له في عبد فإن كان معه ما يبلغ ثمن العبد قوم عليه وأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق عليه ما عتق»، رواه الشيخان وأصحاب السنن الأربعة، ثم قال مبينا وجه الاستدلال: «فأوجب القيمة في العبد بالإتلاف بالعتق لأن إيجاب مثله من جهة