١٧ - «ولا تحضر من ذلك ما فيه نوح نائحة أو لهو من مزمار أو عود أو شبهه من الملاهي الملهية إلا الدف في النكاح وقد اختلف في الكبر».
يريد أن المرأة وقد شرع لها أن تخرج من دارها لحاجتها على الوجه المتقدم فلا يجوز لها أن تحضر جنازة والديها أو أقاربها وفيها نوح النائحة، فتجلس راضية له أو مشجعة، فإن أنكرت بما تقدر عليه فذلك لها، وقد قال النبي ﷺ:«النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب»، رواه أحمد ومسلم عن أبي مالك الأشعري، وعن أبي سعيد الخدري ﵁ قال:«لعن رسول الله ﷺ النائحة والمستمعة»، رواه أبو داود، ومعلوم أن مجرد الاجتماع عند أهل الميت فيه شيء فقد قال جابر:«كنا نَعُدُّ الاجتماع عند أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة»، رواه ابن ماجة، كما لا يصح لها أن تحضر العرس ونحوه من المناسبات السارة وفيه من آلات اللهو التي تقدم الكلام عليها، وكذا الغناء، وقد سبق أن ضرب الدف في النكاح وحده مشروع للإعلان، ومشهور المذهب أنه لا يضرب في غير النكاح كالختان والولادة والأعياد وغيرها من المناسبات، وتقدم الكلام على حكم الضرب بالكَبَر أيضا، والرجل في هذا مثل المرأة، بل أمره أشد لأنه يجوز لها ضرب الدف في النكاح، أما هو فقد اختلف فيه، فقيل في المذهب إنما يكره لذي المروءة بخاصة، وقيل يجوز له ذلك فإنه متى شرع جواز حضوره كان فعله تبعا لذلك، واحتجوا بإقرار النبي ﷺ ضرب الدف بحضوره، وما جاز فعله جاز سماعه، وفي الاحتجاج بالحديث المشار إليه على هذا الحكم نظر، فيتمسك بالأصل.