٤ - «ويستحب أن تؤخر في الصيف إلى أن يزيد ظل كل شيء ربعه، بعد الظل الذي زالت عليه الشمس، وقيل إنما يستحب ذلك في المساجد ليدرك الناس الصلاة، وأما الرجل في خاصة نفسه؛ فأول الوقت أفضل له، وقيل أما في شدة الحر فالأفضل له أن يبرد بها وإن كان وحده، لقول النبي ﷺ: «أبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم».
لما كان وقت الظهر قرب منتصف النهار حيث بنحسر الظل ويشتد الحر، وكان وقت حاجة الناس إلى الراحة؛ تميز بمشروعية تأخيره رعاية لجانب الخشوع في الصلاة، بتقديمه على فضيلة أول الوقت التي هي الأصل، فجاء في السنة الأمر بالإبراد بالظهر، فعن أبي ذر قال كنا مع النبي ﷺ فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر، فقال:«أبرد»، ثم أراد أن يؤذن، فقال:«أبرد» مرتين أو ثلاثا، حتى رأينا فيء التلول، ثم قال:«إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر؛ فأبردوا بالصلاة»، رواه الشيخان وأبو داود (٤٠١)، ورواه مالك في الموطإ (٢٦ و ٢٧ و ٢٨) عن عطاء بن يسار مرسلا، وعن أبي هريرة مرفوعا، قوله:«أبردوا»؛ يقال أبرد إذا دخل في وقت البرد، كأمسى، وأتهم، وأنجد، والمراد أن تصلى وقت انكسار الوهج والحر، والتلول جمع تل، وهي الروابي، وفيح جهنم سطوع حرها وفورانه، ومعناه أن هذا الحر من تنفس جهنم، كما جاء في الحديث:«اشتكت النار إلى ربها فقالت: «رب أكل بعضي بعضا»، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير»، متفق عليه من حديث أبي هريرة، قوله اشتكت هذا على حقيقته، وإن كنا لا ندري كيف هو، والزمهرير البرد الشديد، وشدة الحر والبرد في الدنيا يذكران المرء الكيس بجهنم فينبغي له أن يتقيها بطاعة الله تعالى، وكل نصب وتعب