أما الفيء فليس للمقاتلين فيه حق متعين، وإنما هو لبيت المال، والأمر فيه وفي خمس المغنم للإمام يتصرف فيه مراعيا مصلحة المسلمين مبتدئا بالفقراء من الرجال والنساء وذوي قربى النبي ﷺ وهم بنو هاشم: آل العباس، وآل علي، وآل عقيل، وسائر بني هاشم، وقد قال الله تعالى عنه: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ (٦)﴾، [الحشر: ٦]، إلى قوله تعالى: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الحشر: ٧]، فمصرف الفيء هو مصرف خمس المغنم باجتهاد الإمام.
واعلم أن الفيء واحد من الموارد المالية التي يختص بها بيت المال، وهي: الجزية العنوية والصلحية، وخمس الغنيمة، وخمس الركاز، وخراج أرض الصلح، أو ما صولح عليه أهل الحرب، وعشور أهل الذمة، وما أخذ من تجارتهم ومن الحربيين كما تقدم في الزكاة، ومال المرتد إذا مات على ردته، والمال الذي جهل صاحبه، ومال من لا وارث له، وقد ذكر بعضها في هذا البيت:
جهات أموال بيت المال سبعتها … في بيت شعر حواها فيها كاتبه
خمس وفيء خراج جزية عشر … وإرث فرض ومال ضل صاحبه
وينبغي أن يضاف إلى ما تقدم في هذا العصر الأموال المجموعة من الثروات الباطنية كالبترول والغاز والمعادن والمشروع من الضرائب والجبايات والرسوم المختلفة على البطاقات والجوازات وريوع المطارات والمرافئ والأسواق والهبات التي قد تحصل عليها الدولة، وقد أصبحت الضرائب وما تبعها الأساس في ميزانيات الدول الحديثة، والأصل فيها التحريم الشديد فإنها راجعة إلى المكس، ومال المسلم في الحرمة مقترن بدمه وعرضه، وقد يجوز أخذها بشرط عجز مداخيل الدولة الأخرى كالمعادن والمناجم والبترول والغاز وغيرها عن سد الحاجات، فيأخذ الحاكم ما يكمل قدرته على سد ذلك بالقسط والعدل من كل حسب طاقته، وذلك أن الحواضر لا يمكن أن يستقيم حالها إذا تركت المرافق العامة للأفراد يدبرها كل منهم كما يرى، كجلب مياه الشرب، وصرف