المياه القذرة، ورصف الطرقات، والإنارة، وتوفير رواتب العمال في قطاع الخدمات العامة، كالإدارات والتعليم والصحة والقضاء، والتكفل بالعجزة والمعوقين والمتقاعدين، لكن لا شك أن المحذور موجود بل غالب، وهو التوسع الفاحش في جباية الضرائب، وعدم العدل بين المتماثلين فيها، يليه التوسع في عقوبة من تأخر في دفعها برفع المستحقات عليه، وهكذا في تقويم أعوان إدارة الضرائب لمداخيل التجار والصناع وأرباب الحرف، ومن ذلك تجاوز أوجه الإنفاق المشروعة إلى أوجهه الممنوعة المكروهة والمحرمة، ومن ذلك الإنفاق على الأمور الكمالية والزينة مع عدم سد الحاجات الأساسية، فهذه محاذير في الإنفاق لا تخفى، تنظم إلى محاذير الجباية فيعظم الخطب، ويشتد خطر هذا الأمر الذي يمس أموال الناس، ومما لا جدوى فيه الإنفاق على تسليح الجيوش والحال أن الأسلحة التي تشترى لم ترصد لما هو مشروع أولا، بل ولا تستعمل غالبا، وعلى فرض استعمالها في مقاتلة الكفار فلا جدوى في ذلك عندي إلا في حرب الدفع التي يضطر إليها، لأن الذين يبيعونها للمسلمين هم أعداؤهم، وقتالهم واجب عليهم لو كانوا قادرين، قتال دعوة، وقتال دفع، وهل يعقل أن يبيع لك عدوك ما تقاتله به قتالا ناجعا؟، وهم لا يبيعون لهم منها إلا ما مضى وقت نفعه، وانقضى أمد تأثيره، ثم يضطر المشترون إلى تحديثه، فيطلبون من الكفار قطع الغيار، بل ويعتمدون عليهم في التدرب على استعماله، إنها حلقة مفرغة لا جدوى منها والله غير تبذير أموال المسلمين، وترويج بضائع الكافرين، ولذلك فليس مستبعدا أن يقال بعدم جواز الإنفاق على الأسلحة التي لا تستعمل إلا في حروب المواجهة، ولسنا من المحلقين في الخيال فلتكتف الدول المسلمة بالأسلحة التي ترد بها الغوغاء مما هو شأن داخلي، وخير للمسلمين أن ينفقوا تلك الأموال في البحث العلمي عموما، وفي الخاص منه بالأسلحة خصوصا حتى يكونوا مستقلين فيها، فإذ ذاك يكون معنى لامتلاكها، وما عدا هذا فهو إعانة للكفار بترويج بضاعتهم من غير حاجة دنيوية ولا دينية، أقر به الناس أو أنكروا، رضوا أم سخطوا.
يؤيد هذا الذي ذكرته ما توصل إليه أهل غزة في فلسطين من صنع صواريخ وطائرات بدون طيار حلقت في سماء الأرض التي يحتلها اليهود كان مدى هذه الصواريخ