شرين، وهذه قاعدة عامة عندهم في صفات الله تعالى، وهي باطلة مخالفة للحق، وهي التي أشار إليها صاحب الجوهرة بقوله:
وكل نص أوهم التشبيها … أوله أو فوض ورم تنزيها
ويقال لهم إذا كانت هذه الصفات التي أثبتموها لا توهم التمثيل او التشبيه كما تقولون فلم كان غيرها موهما له؟، والحال أنه وارد في كلام الله وكلام رسوله ﷺ كالمحبة والبغض والفرح والغضب والعجب والنزول والمجيء والدنو، فهل هذا إلا تحكم؟، ويقال لهم إنكم تثبتون لله الذات فلم لم يلزم من ذلك التمثيلُ ولزم من إثبات الصفات، فلجأتم إلى تأويلها أو قلتم بنفويض معناها، والكلام على الصفات فرع الكلام على الذات؟، فالواجب على كل مسلم هو تصديق خبر الله ورسوله وطاعة أمرهما ونهيهما، والإيمان بكل ما في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ من أسماء الله وصفاته وسائر ما صح الخبر به، والكف عن كثرة الكلام، ولا يلزم من شيء من ذلك تمثيل، حتى يلجأ إلى التأويل، وما حمل القائل به عليه إلا توهم التمثيل وتحكيم العقل فيما لا سبيل إليه، مع أن الذكر سابق عليه، فكيف يقدم عليه؟.
وقوله:«العلي الكبير» اجتمع ذكر هاتين الصفتين في قوله من سورة سبإ ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سبأ: ٢٣]، واقترن العلي بوصف العظيم كما في آية الكرسي وقد تقدم، وقال تعالى في سورة [الشورى: ٤]: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾، وهو علو ذات، وعلو مكانة، وعلو قهر، فلا يجوز تأويله، وقد كثرت النصوص الدالة على علو مولانا، ودلت الفطرة على ذلك أيضا، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ [الأنعام: ٦١]، وقال تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: ٥٠]، وقال النبي ﷺ للجارية: أين الله»، فلما قالت في السماء، وأقرت بنبوته قال:«اعتقها فإنها مؤمنة»(١)، وهو في الصحيح، ولا يلزم من إثبات كون الله تعالى فوق خلقه القول بأنه في جهة مخلوقة، فإن الذي نعتقده أنه سبحانه مستو على عرشه فوق خلقه مباين لهم.