للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٣٥ - «وإن حملوا الطعام خاصة إلى مكة والمدينة خاصة؛ أخذ منهم نصف العشر من ثمنه»

خاصة الأولى في كلام المؤلف؛ لتقييد المحمول بكونه طعاما، وخاصة الثانية؛ لتقييد المحمول إليه بمكة والمدينة، ومعناه أن أهل الذمة إذا جلبوا الطعام وهو كل ما يقتات وما يجري مجراه من مصلحه إلى مكة والمدينة بخاصة؛ فلا يؤخذ منهم إلا نصف العشر، وقد اختلف في علة ذلك، فقيل لما لمكة والمدينة من الفضل، وقيل إن تقليل الرسم ينشأ عنه كثرة الجالبين إليهما من تجار أهل الذمة، وحاجة أهلهما شديدة إلى الطعام، وهذا والله أعلم يبين أن التحديد بالعشر أمر اجتهادي، فيمكن للحاكم أن يخفف منه بحسب ما يرى من المصلحة، وأن ذلك لا يقتصر على مكة والمدينة، والدول تعمل بهذا اليوم، فتشجع من يقيم في جهة لعمارتها برفع راتبه، أو بالمد في عطلته، أو بتقصير أمد تقاعده، وبغير ذلك من المرغبات، وقد ترفع الضريبة عن نشاط معين مدة من الزمان ليقبل الناس عليه، أو تخفف منها لتشجع على ما ترى من تعمير المناطق، وشغل الوظائف، وجلب الأرزاق، وهذا ليس إلا ذكرا للواقع، وليس إقرارا للمكس المحرم.

وفي الموطإ (٦٢٢) عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان يأخذ من النبط من الحنطة والزيت؛ نصف العشر، يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة، ويأخذ من القطنية العشر».

<<  <  ج: ص:  >  >>