أما وقتها: فمشهور المذهب هو رواية ابن القاسم عن مالك قال: «لا أرى أن تصلى الكسوف بعد الزوال، وإنما سنتها أن تصلى ضحى إلى الزوال»، فسلك بها مسلك صلاة الضحى والعيدين.
قال خليل:«ووقتها كالعيد»، وروى ابن وهب عن مالك قال:«لا تصلى الكسوف إلا في حين تجوز فيه الصلاة النافلة، فإذا كسفت في غير حين صلاة لم يصلوا، فإذا جاز وقت الصلاة، ولم تنجل صلوا، فإن تجلت قبل ذلك لم يصلوا»، وهذه رواية مطرف وابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ، كما في النوادر (باب ما جاء في صلاة الكسوف) وفي الاستذكار (باب العمل في صلاة الكسوف)، وفي هذه الرواية سلك بها مسلك النوافل، وهي أقرب إن شاء الله إلى الصواب.
وفي (المختصر): ولا يصلى في غير حين صلاة، فإذا خسفت حينئذ فإنما فيه الدعاء»، النوادر (ما جاء في صلاة الكسوف)، ولهذه الرواية متعلق في الأحاديث التي فيها الأمر بالدعاء والتكبير والصدقة فحسب، لكن يقال إن كلام النبي ﷺ جاء في الخطبة بعد أن صلى، فالظاهر من الأحاديث أنها صلاة معلقة على سبب، فمتى حصل السبب كانت مشروعة، وهذا هو الذي يجري على رواية ثالثة عن الإمام أنها تصلى في كل وقت، رواها الشيخ أبو القاسم بن الجلاب، كما ذكره الباجي في (المنتقى ١/ ٣٢٩)، وذكره أيضا القاضي عبد الوهاب في كتابه المعونة.
فإن قلت: هل يمكن الاعتماد على هذه الرواية ليخرج عليها ذوات الأسباب من النوافل كتحية المسجد، فيقال بمشروعيتها في كل وقت؟، فالجواب: الظاهر عدم التخريج، لأن صلاة الكسوف لا خيار للمكلف في وقتها فإن سببها كوني، بخلاف غيرها فإن سببها اختياري، والله أعلم.