لكن عدم وجوب الصوم على الصبيان إلا بالبلوغ؛ لا يلزم منه عدم مشروعية تدريبهم وتعويدهم عليه، ولا ينهض التفريق بينه وبين الصلاة بأن فيه تعذيبا للصغير بعبادة غير متكررة في السنة، فلا يتأتى فيه تمرين.
وقد أشار المؤلف في مقدمة كتابه هذا إلى قياس غير الصلاة عليها حيث قال» … فكذلك ينبغي أن يعلموا ما فرض الله على العباد من قول وعمل قبل بلوغهم، ليأتي عليهم البلوغ وقد تمكن ذلك من قلوبهم، وسكنت إليه أنفسهم، وأنست بما يعملون من ذلك جوارحهم».
وقد كان السلف يدربون الصبيان على الصوم، بل ورد ما يؤخذ منه أنهم كانوا يصومون الرضع بأمر النبي ﷺ، وقد ترجم بذلك البخاري فقال (باب صوم الصبيان)، وقال عمر لنشوان في رمضان: ويلك وصبياننا صيام!!، فضربه، وساق بعده حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء (خ/ ١٩٦٠) في تصويم الصبيان.
قال الشيخ علي الصعيدي العدوي عند قول المؤلف وشارحه أبي الحسن (ولا صيام على الصبيان لا وجوبا ولا استحبابا): «أي فلا ثواب لهم، لأن الثواب إنما يكون في فعل ما يؤمر به الفاعل، قاله عج»، انتهى.
قال كاتبه: وما ذا يقال في التي قالت للنبي ﷺ عن حج الصبي: «ألهذا حج»؟، قال:«نعم ولك أجر»، مع أن الحج لا يجب إلا مرة في العمر، ثم ما هو الحج الذي أثبته النبي ﷺ للصبي ونحن نعلم أنه لا يجزئه عن حجة الإسلام بالنص؟، فلم يبق إلا أنه يؤجر على حجه، مع أنه غير مأمور به أمر إيجاب، فالحمد لله على فضله وإحسانه، لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، ثم إن ذلك القول يخالف ما هو معروف في المذهب من كون الصبيان مخاطبين بغير الواجبات والمحرمات من الأحكام الشرعية، وقد ذكر ذلك ابن رشد في البيان وفي المقدمات، كما ذكره القرافي في كتاب اليواقيت في أحكام المواقيت، تجد هذا في شرح الشيخ علي بن عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي لنظمه المسمى مراقي السعود عند قوله: